للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

سلمةَ قالَ رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: "إذا دخلتِ العشرُ فأرادَ أحدُكم أنْ يضحِّيَ فلا يمسَّ منْ شعرِه ولا بشرَهِ شيئًا". وأخرجَ البيهقيُّ (١) منْ حديثِ عمرِو بن العاصِ أنهُ - صلى الله عليه وسلم - قالَ لرجلٍ سألهُ عن الضحيةِ وأنهُ قدْ لا يجدُها فقالَ: "قلِّمْ أظافرَكَ، وقصَّ شاربكَ، واحلقْ عانتكَ، فذلكَ تمامُ أضحيتكَ عندَ اللهِ عزَّ وجلَّ".

وهذا فيهِ شرعيةُ هذهِ الأفعالِ في يومِ التضحيةِ وإنْ لم يتركه منْ أولِ [شهرِ ذي الحجَّةِ] (٢).

وذهبَ أحمدُ وإسحقُ إلى أنهُ يحرمُ للنَّهْي، وإليهِ ذهبَ ابنُ حزمٍ (٣).

وقال مَنْ لم يحرِّمْهُ: قدْ قامتِ القرينةُ على أن النَّهْيَ ليسَ للتحريمِ وهوَ ما أخرجَهُ الشيخانِ (٤) وغيرُهما منْ حديثِ عائشةَ قالتْ: "أنا فتلتُ قلائدَ هدي رسولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - بيدي، ثمَّ قلَّدها رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - بيدهِ، ثم بعثَ بها معَ أبي فلم يحرمُ على رسولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - شيءٌ مما أحلَّه اللهُ حتَّى نحرَ الهديَ".

قالَ الشافعيُّ: فيهِ دلالةٌ على أنهُ لا يحرمُ على المرءِ شيءٌ ببعثهِ بهدي، والبعثُ بالهدي أكثرُ منْ إرادةِ التضحيةِ.

قلتُ: هذا قياسٌ منهُ، والنصُّ قدْ خصَّ مَنْ [يريدُ] (٥) التضحيةَ بما ذُكرَ.

(فائدةٌ أُخْرى).

[أحكام لحوم الأضاحي]

يُسْتَحَبُّ للمضحِّي أنْ يتصدقَ وأنْ يأكلَ، واستحبَّ كثيرٌ منَ العلماءِ أنْ يقسمَها أثلاثًا: ثلثًا للادِّخارِ، وثلثًا للصدقةِ، وثلثًا للأكلِ، لقولِهِ - صلى الله عليه وسلم -: "كلُوا، وتصدَّقوا، وادَّخِروا" (٦)


(١) في "السنن الكبرى" (٩/ ٢٦٣ - ٢٦٤).
(٢) في (أ): "الشهر".
(٣) في "المحلى" (٧/ ٣٥٥) و (٧/ ٣٦٨ - ٣٧٠).
(٤) البخاري (١٧٠٠)، ومسلم رقم (٣٦٩/ ١٣٢١).
(٥) في (أ): "أراد".
(٦) أخرج البخاري (٥٥٦٩) عن سلمة بن الأكوع قال: قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "من ضحَّى منكم فلا يُصْبحنَّ بعد ثالثة وبقي في بيته منه شيء"، فلما كان العامُ المقبل قالوا: يا رسول الله، نفعلُ كما فعلنا العامَ الماضي؟ قال: "كلوا، وأطعِموا، وادَّخِروا، فإن ذلك العام كان بالناس جَهْدٌ، فأردتُ أن تعينوا فيها". =