للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وادَّعى ابنُ رشدٍ (١) الإجماعَ علَى أنهُ لا يجوزُ أنْ يُشْتَرطَ في النسكِ أكثرُ منْ سبعةٍ، قالَ: وإنْ كانَ رُوِيَ منْ حديثِ رافعِ بن خديجٍ: "أن النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - عدلَ البعيرَ بعشرِ شياهٍ"، أخرجَهُ في الصحيحين (٢). ومنْ طريقِ ابن عباسٍ وغيرِهِ: "البدنةُ عنْ عشرةٍ" (٣)، قالَ الطحاويُّ: وإجماعُهم دليلٌ على أن [الآثارَ] (٤) في ذلكَ غيرُ صحيحةٍ (٥) اهـ، ولا يخْفَى أنهُ لا إجماعَ معَ خلافِ مَنْ ذكرْنا، وكأنهُ لم يطَّلعْ على الخلاف] (٦).

واختلفُوا في الشاةِ، فقالت الهادويةُ تجزئُ عنْ ثلاثةٍ في الأضحيةِ، قالُوا: وذلكَ لما تقدَّمَ منْ تضحيةِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - بالكبشِ عنْ محمدٍ وآلِ محمدٍ، قالُوا: وظاهرُ الحديثِ أنَّها تجزئُ عنْ أكثرَ لكنَّ الإجماعَ قصَرَ الإجزاءَ [عن ثلاثة] (٧).

قلتُ: وهذا الإجماعُ الذي ادَّعَوْهُ يباينُ ما قالُه في "نهاية المجتهدِ" (٨)، فإنهُ قالَ إنهُ وقعَ الإجماعُ على أن الشاةَ لا تجزئُ إلَّا عنْ واحدٍ. والحقُّ أنَّها تجزئُ الشاةُ عن الرَّجُلِ وعنْ أهلِ بيتِه لِفِعْلِهِ - صلى الله عليه وسلم -، ولما أخرجَهُ مالكٌ في "الموطأ" (٩) منْ حديثِ أبي أيوبِ الأنصاريِّ قالَ: "كنَّا نضحِّي بالشاةِ الواحدةِ يذبحُها الرجلُ عنهُ وعنْ أهلِ بيتهِ ثمَّ تباهَى الناسُ بعدُ".

فائدةٌ: منَ السنَّةِ لمنْ أرادَ أنْ يضحِّيَ أنْ لا يأخذَ منْ شعرهِ ولا منْ أظفارهِ إذا دخلَ شهرُ ذي الحجَّةِ، لما أخرجَهُ مسلمٌ (١٠) منْ أربعِ طُرُقٍ منْ حديثِ أمِّ


(١) في "بداية المجتهد" (٢/ ٤٤٣).
(٢) البخاري (٢٥٠٧)، ومسلم (٢١/ ١٩٦٨).
(٣) تقدم تخريجه في التعليقة أعلاه رقم (٢، ٣).
(٤) في (أ): "الأثر".
(٥) قلت: هذا خطأ، فالأحاديث صحيحة كما عرفت، وحكاية الإجماع باطلة.
(٦) في (ب): "عليه".
(٧) زيادة من (أ).
(٨) (٢/ ٤٤٢).
(٩) في "الموطأ" (٢/ ٤٨٦ رقم ١٠).
قلت: وأخرجه الترمذي (١٥٠٥)، وابن ماجه (٣١٤٧)، والبيهقي (٩/ ٢٦٨). وقال الترمذي: حديث حسن صحيح.
وصحَّحه الألباني في "الإرواء" (رقم: ١١٤٢).
(١٠) في "صحيحه" (٣/ ١٥٦٥ - ١٥٦٦ رقم ٣٩، ٤٠، ٤١، ٤٢/ ١٩٧٧).