للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

الثالثُ: أنّها سنةٌ مؤكّدةٌ، ومواظبتهُ - صلى الله عليه وسلم - عليها دليلُ تأكيد سنّيّتِها، وهوَ قولُ زيدِ بن عليٍّ وجماعةِ، قالُوا: لقولهِ - صلى الله عليه وسلم -: "خمسُ صلواتٍ كتبهنّ اللَّهُ على العبادِ" (١)، وأجيبَ بأنهُ استدلالٌ بمفهومِ العددِ وبأنهُ يحتملُ: كتبهنَّ كلَّ يومٍ وليلةٍ. وفي قولهِ: "لم يصلِّ قبلَها ولا بعدَها"، دليل على عدمِ شرعيةِ النافلةِ قبلَها ولا بعدَها، لأنهُ إذا لم يفعلْ ذلك ولا أمرَ بهِ - صلى الله عليه وسلم -، فليسَ بمشروعٍ في حقِّهِ فلا يكونُ مشروعًا في حقِّنا ويأتي حديثُ أَبي سعيد (٢)، فإنَّ فيهِ الدلالةَ على [تركه لذلك] (٣) إلَّا أنهُ يأتي مِنْ حديثِ أَبي سعيدٍ: "أنهُ - صلى الله عليه وسلم - كان يصلّي بعدَ العيدِ ركعتينِ في بيتهِ"، وصحَّحهُ الحاكمُ، فالمرادُ بقولهِ هنا: "ولا بعدها"، أي: في المصلّى.

[لا أذان ولا إقامة لصلاة العيدين]

٨/ ٤٦٠ - وَعَنْهُ - رضي الله عنه -: أَنَّ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - صَلَّى الْعِيدَ بِلَا أَذَانٍ، وَلَا إِقَامَةٍ. أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ (٤)، وَأَضلُهُ فِي الْبُخَارِيِّ (٥). [صحيح]

(وعنهُ) أي: ابن عباسٍ (أن النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - صلَّى العيدَ بلا أذانٍ ولا إقامةٍ. أخرجهُ أَبو داودَ، وأصلُه في البخاريِّ)، هوَ دليل على عدمِ شرعيّتِهما في صلاةِ العيدِ [فإنَّهما] (٦) بدعةٌ. ورَوَى ابنُ أَبي شيبةَ (٧) بإسنادِ صحيحٍ عن ابن المسيّبِ "أن أوَّلَ مَنْ أحدثَ الأذانَ لصلاةِ العيدِ معاويةُ"، ومثلُه رواهُ الشافعيُّ (٨) عن الثقةِ، وزادَ: "وأخذَ بهِ الحجَّاجُ حينَ أُمِّرَ على المدينةِ".

وروى ابنُ المنذرِ (٩): "إنَّ أولَ مَنْ أحدَثه زيادٌ بالبصرةِ". وقيلَ: أوّلُ مَنْ أحدثَه مروانُ، وقالَ ابنُ أَبي حبيب: أولُ مَنْ أحدثَه عبدُ اللَّهِ بنُ الزبيرِ، وأقامَ أيضًا. وقد رَوَى الشافعيُّ (١٠) عن الثقةِ عن الزهريِّ: "أن رسولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - كانَ يأمرُ


(١) أخرجه البخاري (٤٦)، ومسلم (١١) من حديث طلحة بن عبيد الله.
(٢) رقم (٩/ ٤٦١).
(٣) في (ب): "ترك ذلك".
(٤) في "السنن" (١/ ٦٨٠ رقم ١١٤٧)، وهو حديث صحيح.
(٥) في "صحيحه" (٢/ ٤٥١ رقم ٩٦٠).
(٦) في (أ): "وأنهما".
(٧) في "المصنف" (٢/ ١٦٩).
(٨) في "الأم" (١/ ٢٦٩) طبع دار الفكر.
(٩) في "الأوسط" (٤/ ٢٥٩).
(١٠) في "الأم" (١/ ٢٦٩).