للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

قتادةَ، عنْ عمْرِو بن شعيبٍ، عن الشريدِ. وحديثُ جابرٍ الآتي (١)، وذهبَ عليٌّ، وعمرُ (٢)، وعثمانُ، والشافعيُّ (٣)، وأحمدُ (٢)، وإسحاقُ، وغيرُهم إلى أنهُ لا شُفْعَةَ بالجوارِ. قالُوا: والمرادُ بالجارِ في الأحاديثِ الشَّريكُ. قالُوا: ويدلُّ على أن المرادَ بهِ ذلكَ حديثُ أبي رافعٍ؛ فإنهُ سَمَّى الخليطَ جارًا، واستدلَّ بالحديثِ، وهوَ منْ أهلِ اللسانِ وأعرفُ بالمرادِ، والقولُ بأنهُ لا يُعْرَفُ في اللغةِ تسميةُ الشريكِ جارًا غيرُ صحيح، فإنَّ كلَّ شيءٍ قاربَ شيئًا فهوَ جارٌ. وأجيبَ بأنَّ أبا رافعِ كان غيرَ شريكٍ لسعدٍ بلْ جارٌ لهُ لأنهُ كانَ يملكُ بيتينِ في دارِ سعدٍ، لا أنهُ كانَ يملكُ شِقْصًا شائعًا من منزلِ سعدٍ. واستدلُّوا أيضًا بما سلفَ من أحاديثِ الشفعةِ للشريكِ وقوله. "فإذا وقعت الحدود وصرفت الطرق فلا شفعة"، ونحوِه من الأحاديث التي فيها حَصْرُ الشفعةِ قبلَ القسمةِ، وأجيبَ عنْها بأنَّ غايةَ ما فيها إثباتُ الشفعةِ للشريكِ منْ غيرِ تَعَرُّضٍ للجارِ لا بمنطوقٍ ولا مفهومٍ. ومفهومُ الحصْرِ في قولِه (٤): "إنما جعلَ النبي - صلى الله عليه وسلم - الشُّفْعَةَ - الحديثَ"، إنَّما هوَ قبلَ القِسْمَةِ للمبيع بينَ المشتري والشريك، فمدلولُه أن القسمةَ تُبْطِلُ الشُّفْعَةَ وهوَ صريحُ روايةِ (٤): وإنَّما جعلَ النبيُّ الشفعةَ في كلِّ ما لم يُقْسَمْ". فأحاديث إثباتِ الشفعةِ للخليطِ لا تُبْطِلُ ثبوتَها للجارِ بعدَ قيامِ الأدلةِ التي منْها ما سلفَ، ومنْها الحديثَ الآتي:

[شفعة الجار وشروطها]

٤/ ٨٥١ - وَعَنْ جَابِرٍ - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -: "الْجَارُ أَحَق بِشُفْعَةِ جَارِهِ، يُنْتَظَرُ بِهَا - وانْ كَانَ غَائِبًا - إِذَا كَانَ طَرِيقُهُما وَاحِدًا"، رَوَاهُ أحْمَدُ (٥)، وَالأرْبَعَةُ (٦)، وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ. [صحيح]


(١) برقم (٤/ ٨٥١) من كتابنا هذا.
(٢) انظر: "المغني" (٥/ ٤٦١ مسألة رقم ٤٠١٢).
(٣) انظر: "اختلاف الحديث بحاشية الأم" (٤/ ٥).
(٤) هي رواية من روايات حديث جابر المتقدم برقم (١/ ٨٤٨)، انظر: "السنن الكبرى" للبيهقي (٦/ ١٠٢).
(٥) في "المسند" (٣/ ٣٠٣).
(٦) أبو داود (٣٥١٨)، والترمذي (١٣٦٩)، وقال: حديث غريب، وابن ماجه (٢٤٩٤).
وهو حديث صحيح، صحَّحه الألباني في "الإرواء" (٥/ ٣٧٨ رقم ١٥٤٠).