للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

قلتُ: الأَوْلَى أنْ يُقَالَ إنْ كانَ المدَّعي يعلمُ أن لهُ حقًّا عندَ خَصْمِهِ جازَ لهُ قَبْضُ ما صُولِحَ عليهِ، وإنْ كانَ خصمُه منكرًا، وإنْ كانَ يدعي باطلًا فإنهُ يحرمُ عليهِ الدَّعْوى وأخذُ ما صولحَ بهِ، والمدَّعَى عليهِ إنْ كانَ عندَه حقٌّ يعلمُه، وإنَّما ينكِرُ لغرضٍ وجبَ عليهِ تَسْلِيمُ ما صولحَ بهِ عليهِ، وإنْ كانَ يعلمُ أنهُ ليسَ عندَه حقٌّ جازَ لهُ إعطاءُ جُزْءٍ منْ مالهِ في دَفْعِ شجارِ غريم وأذيتِهِ، وحَرُمَ على المدَّعي أخذُه، وبهذَا تجتمعُ الأدلةُ فلا يقالُ الصلحُ على (١) الإنكارِ لا يصحُّ، ولا أنه يصحُّ على الإطلاقِ بلْ يُفَصَّلُ فيهِ.

المسألةُ الثانيةُ: ما [أفاده] (٢) قولُه: والمسلمونَ على شروطِهم - أي ثابتون عليها، واقفونَ عندَها. وفي تعديتِه بعَلَى ووصفهِم بالإسلامِ أوِ الإيمانِ دلالةٌ على عُلُوِّ مرتبتِهِمْ، وأنَّهم لا يُخِلُّونَ بشروطِهم، وفيهِ دلالةٌ على لزومٍ الشرطِ إذا شرطَهُ المسلمُ إلا ما استثناهُ في الحديثِ. وللمفرِّعينَ تفاصيلُ في الشروطِ، وتقاسيمُ منْها ما يصحُّ ويلزمُ حكْمُهُ، ومنها ما لا يصحُّ ولا يلزمُ، ومنها ما يصحُّ ويلزمُ منهُ فسادُ العقدِ، وهي هنالكَ مبسوطةٌ بعللٍ ومناسباتِ. وللبخاريِّ في كتابِ الشروطِ (٣) تفاصيلُ كثيرةٌ معروفةٌ. وقولُه: "إلَّا شرطًا حرَّمَ حلالًا"، وذلكَ كاشتراطِ البائعِ أنْ لا يطأ الأمةَ، أو أحلَّ حرامًا مثلَ أنْ يشترطَ وطءَ الأمةِ التي حرَّمَ اللَّهُ [عليهِ] (٤) وطْأَها.

[انتفاع الجارد بحائط جاره]

٢/ ٨٢٤ - وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رضي الله عنه - أَنَّ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: "لَا يَمْنَعْ جَارٌ جَارَهُ أنْ يَغْرِزَ خَشَبةً فِي جِدَارِهِ"، ثمَّ يَقُولُ أَبُو هُرَيْرَةَ: مَا لِي أَرَاكُمْ عَنْهَا مُعْرِضِينَ؟ واللَّهِ لأرْمِيَنَّ بِهَا بَيْنَ أَكْتَافِكُمْ. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ (٥). [صحيح]


(١) في المخطوط "عن"، وما أثبتناه من المطبوع.
(٢) في (ب): "أفادها".
(٣) كتاب الشروط في "صحيح البخاري" (٥/ ٣١٢: ٣٥٤).
(٤) زيادة من (ب).
(٥) البخاري (٢٤٦٣)، ومسلم (١٣٦/ ١٦٠٩).
قلت: وأخرجه أبو داود (٣٦٣٤)، والترمذي (١٣٥٣)، وابن ماجه (٢٣٣٥)، ومالك =