للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

إزالةِ الدَّرَنِ المستكْرَهِ بقاؤهُ في ثوبِ المصلِّي ولوْ كانَ نجسًا لما أجزأَ مسحُهُ. وأما التشبيهُ للمنيِّ بالفضلاتِ المستقذَرةِ من البولِ والغائطِ كما قالهُ مَنْ قال بنجاستهِ فلا قياسَ معَ النصِّ.

قالَ الأولونَ: هذهِ الأحاديثُ في فركهِ وحتِّهِ إِنَّما هيَ في منيِّهِ - صلى الله عليه وسلم -، وفضلاتُهُ - صلى الله عليه وسلم -

طاهرةٌ فلا يلحقُ بهِ غيرُهُ. وأجيبَ عنهُ بأنها أخبرت عائشة عنْ فركِ المنيِّ منْ ثوبهِ، فَيُحْتَملُ أنه عن جماعٍ وقدْ خالطَهُ منيُّ المرأةِ فلمْ يتعينْ أنهُ منيهُ - صلى الله عليه وسلم - وحدَهُ، والاحتلامُ على الأنبياءِ عليه السلام غيرُ جائزٍ، لأنهُ منْ تلاعبِ الشيطانِ، ولا سلطان لهُ عليهمْ، ولئن قيلَ: إنهُ يجوز أنه منيهُ - صلى الله عليه وسلم - وحدَهُ، وأَنَّهُ منْ فيضِ الشهوةِ بعدَ تقدمِ أسبابِ خروجهِ منْ ملاعبةٍ ونحوِهَا، وأنهُ لم يخالطْهُ غيرُهُ، فهوَ محتملٌ ولا دليلَ معَ الاحتمالِ.

وذهبتِ الحنفيةُ إلى نجاسةِ المنيِّ كغيرِهمْ ولكنْ قالُوا: يطهِّرهُ الغسلُ، أو الفَركُ، أو الإزالةُ بالإذخِر أو الخرقةِ عملًا بالحديثين، وبين الفريقينِ القائلينِ بالنجاسةِ، والقائلينَ بالطهارةِ مجادلاتٌ ومناظراتٌ واستدلالاتٌ طويلةٌ استوفيناها في حواشي شرحِ العمدة (١).

يُرش من بول الغلام ويُغسل من بول الجارية

٥/ ٢٦ - وَعَنْ أَبِي السَّمْحِ - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -: "يُغْسَلُ مِنْ بَوْلِ الْجَارِيةِ، ويُرَشُّ مِنْ بَوْلِ الْغُلَام". أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ (٢) والنَّسَائِيُّ (٣) وَصَحَّحَهُ الْحَاكِمُ (٤). [صحيح]

ترجمة أبي السَّمح

(وَعَنْ أَبِي السَّمْحِ) بفتحِ السينِ المهملةِ، وسكونِ الميمِ، فحاءٍ مهملةٍ،


(١) (١/ ٤٠٠ - ٤١١).
قلت: وقد حقق القول في المسألة ابن قيم الجوزية في "بدائع الفوائد" تحت عنوان: "مناظرة بين فقيهين في طهارة المني ونجاسته" (٣/ ١١٩ - ١٢٦)، وهو بحث هام جدًّا في غاية التحقيق.
(٢) في "السنن" (١/ ٢٦٢ رقم ٣٧٦).
(٣) في "السنن" (١/ ١٥٨ رقم ٣٠٤).
(٤) في "المستدرك" (١/ ١٦٦).