اليمنِ قالَ لهُ: إنكَ تَقْدُمُ على قومٍ أهلِ كتابٍ فليكنْ أولُ ما تدعوهم إليهِ عبادةَ اللَّهِ، فإذا عرفُوا اللَّهَ فأخبرهم أن الله قدْ فرضَ عليهمْ خمسَ صلواتٍ في يومهم وليلتِهم، فإذا فعلُوا فأخبرهم أن الله قدْ فرضَ عليهمُ الزكاةَ في أموالِهم تُوخَذُ مِنْ أغنيائِهم وتُرَدُّ في فقرائِهم، فإذَا أطاعُوكَ فخذْ منهم وتَوَقَّ كرائمَ أموالِ الناسِ".
واستُدِلَّ بقولِه: تؤخذُ منْ أموالِهم، أن الإمامَ هوَ الذي يتولَّى قبض الزكاةِ وصرفَها إما بنفسهِ أو بنائبهِ، فمنِ امتنعَ منْها أُخِذَتْ منْهُ قهرًا. وقدْ بيَّنَ - صلى الله عليه وسلم - المرادَ منْ ذلكَ ببعثِه السعاةَ. واستُدلَّ بقوله: تردُّ على فقرائِهم، أنهُ يكفي إخراجُ الزكاةِ في صنفٍ واحدٍ، وقيلَ: يحتملُ أنهُ خصَّ الفقراءَ لكونِهم الغالبَ في ذلكَ، فلا دليلَ على ما ذُكِرَ. ولعلُه أريدَ بالفقيرِ مَنْ يحلُّ إليهِ الصرفُ فيدخلُ المسكينُ عندَ مَنْ يقولُ إنَّ المسكينَ أعلى حالًا منَ الفقيرِ، ومَنْ قالَ بالعكسِ فالأمرُ واضحٌ.