للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

[على] (١) أن الكلامَ عمدًا لإصلاحِ الصلاةِ لا يبطلُها كما في كلامِ ذي اليدينِ. وقولُهُ: "فقالُوا" يريدُ الصحابةُ: "نعم" كما في روايةٍ تأتي، فإنهُ كلامٌ عَمْدٌ لإصلاحِ الصلاةِ. وقدْ رُوِيَ عنْ مالكٍ أنَّ الإِمامَ إذَا تَكَلَّمَ بما تكلَّمَ بهِ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - منَ الاستفسار والسؤالِ عندَ الشكِّ وإجابةِ المأمومِ: أنَّ الصلاةَ لا تفسدُ. وقدْ أجيبَ بأنهُ - صلى الله عليه وسلم - تكلَّمَ معتقدًا للتمامِ، وتكلَّمَ الصحابةُ معتقدينَ للنسخ، وظنُّوا حينئذٍ التمامَ. قلتُ: ولا يخفى أنَّ الجزمَ باعتقادِهم التمامَ محلُّ نظرٍ بلْ فيهمْ مترددٌ بينَ القصرِ والنسيانِ، وهوَ ذو اليدينِ. (نعمْ) سرعانُ الناسِ اعتقدُوا القصرَ ولا يلزمُ اعتقادُ الجميعِ، ولا يخفى أنهُ لا عذرَ عن العملِ بالحديثِ لمنْ يتفقُ لهُ مثلُ ذلكَ، وما أحسنَ كلامَ صاحبِ المنارِ؛ فإنهُ ذكرَ كلامَ [الهادوية ودعواهم] (٢) نسخَهُ كما ذكرناهُ ثمَّ ردَّهُ بما رددناهُ ثمَّ قالَ: وأنا [أقولُ] (٣): أرجو اللَّهَ للعبدِ إذا لَقَيَ اللَّهَ عاملًا لذلكَ أن يثبتَهُ في الجوابِ بقولهِ صحَّ لي ذلكَ عنْ رسولِكَ، ولمْ أجدْ ما يمنعُهُ، وأنْ ينجوَ بذلكَ، ويثابَ على العملِ بهِ، وأخافُ على المتكلفينَ وعلى المجبرينَ على الخروجِ منَ الصلاةِ للاستئنافِ، فإنهُ ليسَ بأحوطَ كما تَرَى، لأنَّ الخروجَ بغيرِ دليلٍ ممنوعٌ، وإبطالٌ للعملِ.

وفي الحديثِ دليلٌ على أن الأفعالَ الكثيرةَ التي ليستْ منْ جنسِ الصلاةِ إذا وقعتْ سهوًا، أو معَ ظنِّ التمامِ لا تفسدُ بها الصلاةُ؛ فإنَّ في روايةٍ أنهُ - صلى الله عليه وسلم - خرجَ إلى منزلهِ، وفي أخرى يجرُّ رداءَهُ مغضبًا. وكذلكَ خروجُ سرعانِ الناسِ؛ فإنَّها أفعالُ كثيرةٌ قطعًا. وقد ذهبَ إلى هذا الشافعيِّ. وفيهِ دليلٌ على صحةِ البناءِ على الصلاةِ بعدَ السلامِ [سهوًا أو ظنًا للتمامِ، والجمهور عليه. وفيه دليل على صحة البناءِ على الصلاة] (٤) وإنْ طالَ زمنُ الفصلِ بينهمَا. وقدْ رُويَ هذا عن ربيعةَ ونسبَ إلى مالكٍ وليسَ بمشهورٍ عنهُ، ومنَ العلماءِ مَنْ قَالَ: يختصُّ جوازُ البناءِ إذا كانَ الفصلُ بزمنٍ قريبٍ. وقيلَ: بمقدارِ ركعةٍ، وقيلَ: بمقدارِ الصلاةِ. ويدلُّ أيضًا [على أن] (٥) سجودَ السهوِ [بعد السلام خلاف الحديث الأول، ويأتي فيه


(١) زيادة من (أ).
(٢) في (ب): "الهدي ودعواه".
(٣) زيادة من (ب).
(٤) زيادة من (أ).
(٥) في (ب): "أنه يجبرُ ذلك".