للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

القارئُ الشاميُّ، كانَ عالمًا ثقةً حافِظًا لما رواهُ، في الطبقةِ الثانيةِ منَ التابعينَ، أحدُ القراءِ السبعةِ. رَوى عنْ واثلةَ بنِ الأسقعِ وغيرِه، وقرأَ القرآنَ على المغيرةِ بنِ شهابٍ المخزوميِّ عنْ عثمانَ بنِ عفَّانَ، وُلِدَ سنةَ إحْدَى وعشرينَ منَ الهجرةِ وماتَ سنةَ ثماني عشرةَ ومائةٍ.

(قالَ: لقدْ أدركتُ أبا بكرٍ وعمرَ وعثمانَ ومَنْ بعدَهم فلمْ أرَهُم يضربونَ المملوكَ) ذَكَرًا كانَ أوْ أُنْثَى (في القذفِ إلَّا أربعينَ. رواهُ مالكٌ والثوري في جامِعِهِ).

دَلَّ على أنَّ رأيَ من ذكرَ تنصيفَ حدِّ القذفِ على المملوكِ، ولا يخْفَى أنَّ النصَّ وردَ في تنصيفِ حدِّ الزِّنَى في الإماءِ لقوله تعالَى: {فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ مِنَ الْعَذَابِ} (١) فكأنَّهم قاسُوا عليهِ حدَّ القذفِ في الأَمَةِ إنْ كانتْ قاذفةً، وخصَّصُوا بالقياسِ عمومَ: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ} (٢)، ثمَّ قاسُوا العبدَ على الأَمَةِ في تنصيفِ الحدِّ في الزِّنَى والقذفِ بجامعِ الملْكِ [وهو] (٣) علَى رأْي مَنْ يقولُ بعدمِ دخولِ المماليكِ في العموماتِ لا تخصيصَ، إلَّا أنهُ مذهبٌ مردودٌ في الأصولِ، وهذَا مذهبُ الجماهيرِ (٤) منْ علماءِ الأمصارِ.

وذهبَ ابنُ مسعودٍ وعمرُ بنُ عبدِ العزيزِ (٥) إلى أنهُ لا ينصَّف حد القذف على العبد لعموم الآية، وكأنهم لا يرون العمل بالقياس كما رأْيُ الظاهريةِ (٦).

والتحقيقُ أنَّ القياسَ غيرُ تامٍّ هُنَا لأنَّهم جعلُوا العِلَّةَ في إلحاقِ العبدِ بالأَمَةِ المُلْكَ، ولا دليلَ على أنهُ العلَّةُ إلَّا ما يدَّعونَهُ منَ السَّبرِ والتقسيمِ، والحقُّ أنهُ ليسَ منْ مسالكِ العلَّةِ، وأيُّ مانعٍ منْ كونِ الأنوثةِ جزءَ العلَّة لنقصِ حدُّ الأَمَةِ لأنَّ الإمَاءَ يُمْتَهَنَّ ويُغْلَبْنَ، ولِذَا قالَ اللهُ تعالى: {وَمَنْ يُكْرِهْهُنَّ فَإِنَّ اللهَ مِنْ بَعْدِ إِكْرَاهِهِنَّ


= [تهذيب التهذيب" (٥/ ٢٤٠ - ٢٤١ رقم ٤٧٠)].
قلت: وبذلك يتضح وهم الأمير الصنعاني رَحِمَهُ اللهُ في ترجمة "عبد اللهِ بن عامر"، فظنه أبا عمران هذا. ولكنه أبو محمد المدني الذي قدَّمنا ترجمته آنفًا.
(١) سورة النساء: الآية ٢٥.
(٢) سورة النور: الآية ٤.
(٣) في (ب): "و".
(٤) "المجموع" (٢٠/ ٥٣).
(٥) "المجموع" (٢٠/ ٥٣)، وانظر: "موسوعة فقه عبد الله بن مسعود" قلعه جي (٤١٥).
(٦) "المحلَّى" ابن حزم (١١/ ٣٣٩ رقم ٢٢٠٥).