للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

مُسْلِمٌ). دلَّ على فضيلةِ مجالسِ الذِّكرِ والذَّاكرينَ، [وعلى] (١) فضيلةِ الاجتماعِ على الذِّكرِ. وأخرجَ البخاريُّ (٢): "إنَّ للَّهِ ملائكةً يطوفونَ في الطرقِ يلتمسونَ أهلَ الذِّكرِ، فإذا وجدُوا قومًا يذكرونَ اللَّهَ تعالَى تنادَوْا هلُمُّوا إلى حاجتِكُم، قالَ: فيحفُّونَهم بأجنحَتِهم إلى السماءِ الدُّنْيا"، الحديثَ. وهذَا منْ فضائلِ مجالسِ الذكرِ تحضرُها الملائكةُ بعدَ التماسِهم لها. والمرادُ بالذكرِ: التسبيحُ [والتهليل والتكبير] (٣) والتحميدُ وتلاوةُ القرآنِ ونحوُ ذلكِ. وفي حدِيثِ البزَّارِ (٤): "إنّهُ تعالَى يسألُ ملائكتَه ما يصنعُ العبادُ؟ وهوَ أعلمُ بهمْ، فيقولونَ: يعظِّمونَ آلاءَك، ويتلونَ كتَابَكَ، ويصلُّونَ على نبيِّكَ، ويسألونكَ لآخِرَتِهِمْ ودنياهُم". والذِّكرُ حقيقةً في ذكرِ اللِّسانِ، ويُؤْجَرُ عليهِ الناطقُ، ولا يُشْتَرطُ استحضارُ معناهُ، وإنَّما يُشْتَرَطُ أنْ لا يقصدَ غيرَه، فإنِ انضافَ إلى الذكرِ باللسانِ الذكرُ بالقلبِ فهوَ أكملُ، وإنِ انضافَ إليهمَا استحضارُ معنَى الذكرِ، وما اشتملَ عليهِ منْ تعظيمِ اللهِ تعالَى ونفي النقائصِ عنهُ، ازدادَ كمالًا، فإنْ وقعَ ذلكَ في عملٍ صَالحِ [مما فرضَ] (٥) منْ صلاةِ أو جهادٍ [أوْ غيرِهما] (٦) فكذلكَ، فإنْ صحَّ التوجُّهُ وأخلصَ للَّهِ تعالى فهوَ أبلغُ في الكمال. وقالَ الفخرُ الرازيُّ (٧): المرادُ بذكرِ اللِّسانِ الألفاظُ الدالةُ على التسبيحِ والتحميدِ [والتمجيدِ] (٨). والذكرُ بالقلبِ التفكرُ في أدلَّةِ الذاتِ والصفاتِ، وفي أدلَّةِ التكاليفِ منَ الأمرِ والنَّهْي حتَّى يطَّلعَ على أحكامِه، وفي أسرارِ مخلوقاتِ اللَّهِ، والذكرُ بالجوارحِ هوَ أنْ تصيرَ مستغرقةً [بالطاعاتِ] (٩)، ومنْ ثمَّةَ سمَّى اللَّهُ تعالى الصلاةُ ذِكْرًا في قولِه: {فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ} (١٠). وذكرَ بعضُ العارفينَ أنَّ الذِّكرَ علَى سبعةِ أنحاءٍ: فذكرُ العينين بالبكاءِ، وذكرُ الأذنينِ


(١) في (ب): "و".
(٢) في "صحيحه" رقم (٦٤٠٨).
(٣) زيادة من (أ).
(٤) رقم (٣٠٦٢ - كشف) وأورده الهيثمي في "مجمع الزوائد" (١٠/ ٧٧)، وقال: رواه البزار من طريق زائدة بن أبي الرقاد، عن زياد النميري وكلاهما وثق على ضعفه فعاد هذا إسناده حسن" اهـ.
(٥) زيادة من (ب).
(٦) في (أ): "أو صوم أو نحو ذلك".
(٧) في "تفسيره" (٤/ ١٤٣ - ١٤٤).
(٨) زيادة من (ب).
(٩) زيادة من (ب).
(١٠) سورة الجمعة: الآية ٩.