للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

محرَّم] (١) لتصريحِها بأنهُ شركٌ منْ غيرِ تأويلٍ، ولذَا أمرَ النبي - صلى الله عليه وسلم - بتجديدِ الإسلامِ والإتيانِ بكلمةِ التوحيدِ. واستدلَّ القائلُ بالكراهةِ بحديثِ: "أفلحَ - وأبيهِ - إنْ صدقَ"، أخرجَهُ مسلمٌ (٢). وأُجِيْبَ عنهُ أوَّلَا بأنهُ قالَ ابنُ عبدِ البرِّ (٣): إنَّ هذهِ اللفظةَ غيرُ محفوظةٍ وقدْ جاءتْ عن راويْها: "أفلحَ واللَّهِ إنْ صدقَ"، بل زعمَ بعضُهم أنَّ راوْيها [صحَّفها، أي] (٤): صحَّفَ [لفظة] (٥): (واللَّهِ)، إلى: (وأبيهِ).

وثانيًا: أنَّها لم تخرجْ مخرجَ القَسَمِ، بلْ هيَ منَ الكلامِ الذي يجري على الألسنةِ [من غير قصد معناها] (٦) مثلَ: تربتْ يداهُ. وقولُنا: منْ غيرِ تأويلٍ، إشارةً إلى تأويلِ القائلِ بالكراهةِ فإنهُ تأوَّلَ قولَه: "فقدْ أشركَ" بما قالَهُ الترمذيُّ: قدْ حملَ بعضهم مثلَ هذَا على التغليظِ كما حملَ بعضُهم قولَه: "الرياءُ شركٌ" علَى ذلكَ. وأجيبَ بأنَّ هذَا إنَّما [يدفعُ] (٧) القولَ بكفرِ مَنْ حلفَ بغيرِ اللهِ ولا يرفعُ التحريمَ، كما أن الرياءَ محرَّمٌ اتفاقًا، ولا يكفرُ مَنْ فعلَه كما قالَ ذلكَ البعضُ. واستدلَّ القائلُ بالكراهيةِ بأنَّ اللَّهَ تعالَى قدْ أقسمَ في كتابهِ المجيد بالمخلوقاتِ منَ الشمسِ (٨) والقمرِ (٩) وغيرِهما (١٠). وأُجِيْبَ بأنهُ ليسَ للعبدِ الاقتداءُ بالربِّ تعالَى،


(١) في (أ): "بالتحريم".
(٢) في "صحيحه" (٩/ ١١).
قلت: وأجاب صاحب "الروضة الندية" (٢/ ٣٥٧) بتحقيقنا بجوابين: أحدهما: أن فيه إضمارًا معناه: "ورب أبيه … "، وثانيهما: وهو الأصح أن النهي إنما وقع عمَّا كان على قصد التعظيم للمحلوف باسمه.
(٣) في "التمهيد" (١٤/ ٣٦٧): "فإن احتج محتج بحديث يروى عن إسماعيل بن جعفر، عن أبي سهيل نافع بن مالك بن أبي عامر، عن أبيه، عن طلحة بن عبيد اللهِ في قصة الأعرابي النجدي أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "أفلح - وأبيه - إن صدق"، قيل له: هذه لفظة غير محفوظة في هذا الحديث من حديث من يحتج به، وقد روى هذا الحديث مالك وغيره عن أبي سهيل، لم يقولوا ذلك فيه وقد روي عن إسماعيل بن جعفر هذا الحديث، وفيه: أفلح - واللهِ - إن صدق، أو دخل الجنة - واللهِ - إن صدق"، وهذا أولى من رواية من روى "وأبيه" لأنها لفظة منكرة تردُّها الآثار الصِّحاح، وباللهِ التوفيق" اهـ.
(٤) زيادة من (أ).
(٥) زيادة من (أ).
(٦) زياد من (أ).
(٧) في (أ): "يرفع".
(٨) كقوله تعالى: {وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا} [الشمس: ١].
(٩) كقوله تعالى: {وَالْقَمَرِ إِذَا تَلَاهَا} [الشمس: ٢].
(١٠) كقوله تعالى: {وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الْبُرُوجِ} [البروج: ١].