للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

قالُوا: فسَمَّى [مسافةَ] (١) البريدِ سفرًا.

[قلت] (١): ولا يخفَى أنهُ لا دليلَ فيهِ على أنهُ لا يسمَّى الأقلُّ من هذهِ المسافةِ سفَرًا، وإنَّما هذا تحديدٌ للسفرِ الذي يجبُ فيهِ المَحرَمُ، ولا تلازمَ بينَ مسافةِ القصرِ و [بين] (٢) مسافةِ وجوبِ المحرَم لجوازِ التوسعةِ في إيجابِ المحرمِ تخفيفًا على العبادِ. وقالَ زيدُ بنُ عليٍّ والمؤيدُ وغيرُهما (٣) والحنفيةُ: بل مسافتُه أربعةٌ وعشرونَ فرسخًا، لِما أخرجهُ البخاريُّ (٤) من حديثِ ابن عمرَ مرفوعًا: "لا يحلُّ لامرأةٍ تؤمنُ باللَّهِ واليومِ الآخرِ أنْ تسافرَ فوقَ ثلاثةِ أيامٍ إلَّا معَ مَحرمٍ"، قالوا: وسيرُ الإبلِ في كلِّ يومٍ ثمانيةُ فراسخَ، وقالَ الشافعيُّ: بلْ أربعةُ بُرُدٍ لحديثِ ابن عباسٍ (٥) مرفوعًا: "لا تقصرُوا الصلاةَ في أقلِّ من أربعةِ بُرُدٍ"، وسيأتي (٦). وأخرجهُ البيهقيُّ (٧) بسندٍ صحيح من فِعلِ ابن عباسٍ وابنِ عمرَ، وبأنهُ رَوَى البخاريُّ (٨) من حديثِ ابن عباسٍ "تعليقًا بصيغةِ الجزم: "أنهُ سئلَ: أتقصرُ الصلاةُ من مكةَ إلى عرفةَ؟ قالَ: لا، ولكنْ إلى عُسْفَانَ (٩)، وإلى جُدَّة، وإلى الطائفِ".


(١) زيادة من (أ).
(٢) زيادة من (ب).
(٣) انظر: "البحر الزخار" (٢/ ٤٣).
(٤) في "صحيحه" (٢/ ٥٦٦ رقم ١٠٨٧) و (٢/ ٥٦٥ رقم ١٠٨٦).
قلت: وأخرجه مسلم (١٤١٣/ ١٣٣٨)، وأبو داود (١٧٢٧).
(٥) أخرجه الدارقطني (١/ ٣٨٧ رقم ١)، والبيهقي في "السنن الكبرى" (٣/ ١٣٧).
وعزاه الهيثمي في "المجمع" (٢/ ١٥٧) للطبراني في "الكبير" من رواية ابن مجاهد عن أبيه عطاء ولم أعرفه وبقية رجاله ثقات.
قلت: وفيه عبد الوهاب بن مجاهد بن جَبر وهو متروك. انظر: "المجروحين" (٢/ ١٤٦)، و"الميزان" (٢/ ٦٨٢)، و"الجرح والتعديل" (٦/ ٦٩)، و"التاريخ الكبير" (٦/ ٩٨).
والخلاصة: حديث ابن عباس ضعيف، والله أعلم.
(٦) رقم (١١/ ٤٠٩).
(٧) في "السنن الكبرى" (٣/ ١٣٦ و ١٣٧).
(٨) في "صحيحه" (٢/ ٥٦٥).
(٩) عُسْفَان: بضم أوله، وسكون ثانيه ثم فاء، وآخره نون، فُعلان من عسفت المفازة، وهو يعسفها وهو: قطعها بلا هداية ولا قصد … قال أبو منصور: "عُسفان منهلة من مناهل الطريق، بين الجحفة ومكة، وقال غيره: عسفان بين المسجدين، وهي من مكة على مرحلتين … " اهـ. "معجم البلدان" (٤/ ١٢١ - ١٢٢).