للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

الحلالَ فحلفَ باللهِ لا يصيبُها فنزلتْ، هذا أحدُ القوليْنِ فيما حرَّمه - صلى الله عليه وسلم - وسيأتي القولُ الآخرُ في [تحقيق] (١) إيلائِه - صلى الله عليه وسلم -. والحديثُ وإنْ كانَ مرسلًا فقدْ أخرجَ النسائيُّ (٢) بسندٍ صحيحٍ عنْ أنسٍ - صلى الله عليه وسلم - أن النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - كانتْ لهُ أمةٌ يطؤُها فلمْ تزلْ بهِ حفصةُ وعائشةُ حتَّى حرَّمَها فأنزلَ اللهُ: {يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ} (٣)، وهذَا أصحُّ سببِ النزولِ، والمرسلُ عنْ زيدٍ قدْ شهدَ لهُ هذا فالكفارةُ لليمينِ لا لمجردِ التحريمِ. وقدْ فَهِمَ هذا زيدُ بنُ أسلمَ فقالَ بعدَ روايتِه القصةَ: "يقولُ الرجلُ لامرأتِه أنتِ عليَّ حرامٌ لغوٌ وإنَّما يلزمُه كفارةُ يمينٍ إنْ حلفَ"، وحينئذٍ فالأسوةُ برسولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - إلغاءُ التحريم والتكفيرُ إنْ حلفَ، وهذا القولُ أقربُ الأقوالِ المذكورةِ وأرجحُها عندي فلم أَسردْ منْها شيئًا سواه.

١١/ ١٠١٧ - وَعَنْ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَا - أَنَّ ابْنَةَ الْجَوْنِ لَمّا أُدْخِلَتْ عَلَى رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - وَدَنَا مِنْهَا قَالَتْ: أَعُوذُ بِاللهِ مِنْكَ، فَقَالَ: "لَقَدْ عُذْتِ بِعَظِيمٍ، الْحَقِي بِأهْلِكِ"، رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ (٤). [صحيح]

(وعنْ عائشةَ - رضي الله عنها - أن ابنةَ الجونِ لما أُدْخِلَتْ على رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - ودنا منْها قالتْ: أعوذ باللهِ منكَ، قالَ: لقدْ عذتِ بعظيمٍ الحقي بأهلكِ. رواهُ البخاريُّ)، اختُلِفَ في اسمِ ابنةِ الجونِ المذكورةِ اختلافًا كثيرًا، ونفعُ تعيينِها قليلٌ فلا نشتغلُ بنقلهِ. أخرج ابنُ سعدٍ (٥) منْ طريقِ عبدِ الواحدِ بن أبي عونٍ قالَ: قدمَ النعمانُ بنُ أبي الجونِ الكنديِّ على رسولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - فقالَ: يا رسولُ اللهِ أزوِّجُكَ أجملَ أيِّمٍ في العربِ كانتْ تحتَ ابن عمٍّ لها فَتُوُفِّيَ وقدْ رغبت فيكَ، قالَ: "نعمْ"، قالَ: فابعثْ مَنْ يحملُها إليكَ فبعثَ معهُ أبا أسيدٍ الساعديِّ، قالَ أبو أسيدٍ: فأقمتُ ثلاثةَ أيامٍ، ثمَّ تحملتْ بها معي في محفةٍ فأقبلتُ بها حتَّى قدمتُ المدينة فأنزلْتُها في بني


(١) زيادة من (ب).
(٢) في "عشرة النساء" رقم (٢١) وفي "السنن": عشرة النساء، باب الغيرة رقم (٣٩٥٩)، وفي "التفسير" سورة التحريم رقم (٦١٩). بسند صحيح.
قلت: وأخرجه الحاكم (٢/ ٤٩٣) وقال على شرط مسلم، وأقرَّه الذهبي.
(٣) سورة التحريم: الآية ١.
(٤) في "صحيحه" (٩/ ٣٥٦ رقم ٥٢٥٤) وقد تقدم.
(٥) في "الطبقات" (٨/ ١٤٣ - ١٤٤).