للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

(وعنْ عائشةَ - رضي الله عنها - قالتْ: إن الأقراءُ الأطهاز. أخرجه مالكٌ في قصه بسندٍ صحيحٍ) والقصةُ هيَ ما أفادَهُ سياقُ الحديثِ. قالَ الشافعيِّ: [أنا] (١) مالكٌ عن ابن شهابٍ عنْ عروةَ عنْ عائشةَ أنَّهَا قالتْ: وقدْ جادَلَها في ذلكَ ناسٌ وقالُوا: إنَّ اللَّهَ تعالَى يقولُ ثلاثةَ قروءٍ فقالتْ عائشةَ: صدقتُم وهل تدرونَ ما الأقراءُ؟ الأقراءُ الأطهارُ، قالَ الشافعيُّ: أخْبَرَنا مالكٌ عن ابن شهابٍ ما أدركتُ أحدًا منْ فقهاءِنَا إلَّا وهوَ يقولُ هذَا. يريدُ الذي قالته عائشةُ، انتَهى. واعلمْ أنَّ هذهِ مسئلةٌ اختَلَفَ فيها سلفُ الأمَّةِ وخَلَفُها معَ الاتفاقِ أن القَرْءَ بفتحِ القافِ وضمِّها يُطْلَقُ لغةً على الحيضِ والطُّهْرِ وأنهُ لا خلافَ أن المرادَ في قولِه تعالَى: {ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ} (٢) أحدُهما لا مجموعُهما إلَّا أنَّهم اختلفُوا في الأحدِ المرادِ منْهما فيها؛ فذهبَ كثيرٌ منَ الصحابةِ وفقهاءُ المدينةِ والشافعيُّ وأحمدُ في إحْدى الروايتينِ وهوَ قولُ مالكٍ وقالَ: هوَ الأمرُ الذي أدركتُ عليهِ أهلُ العلمِ ببلدِنا أنَّ المرادَ بالأَقْراءِ في الآيةِ الكريمةِ الأطهارُ مستدلِّينَ بحديثِ عائشةَ هذَا، قالَ الشافعيِّ: إنهُ يدلُّ لذلكَ الكتابُ واللسانُ، أي اللغةُ أما الكتابُ فقولُه [تبارك و] (٣) تعالى: {فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ} (٤) وقدْ قالَ - صلى الله عليه وسلم - في حديثٍ ابن عمرَ (٥): "ثمَّ تطهرُ ثمَّ إنْ شاءَ أمسكَ وإنْ شاءَ طلَّقَ، فتلكَ العِدَّةُ التي أمَرَ اللَّهُ أنْ تطلَّقَ لها النساءُ"، وفي حديثٍ ابن عمر (٦) لما طلَّقَ امرأتَهُ حائضًا قالَ رسولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -: إذا طهرتْ فليطلِّقْ أو يُمْسِكْ وَتَلَا - صلى الله عليه وسلم -: "إذا طَلَّقتم النساءَ فطلقوهنَّ لِقَبْلِ عِدَّتِهِنَّ أوْ فِي قُبُلِ عِدَّتِهِنَّ" (٧)، قالَ الشافعيُّ: أنا شَكَكْتُ. فأخبرَ - صلى الله عليه وسلم - أن العدَّةَ الطُّهْرُ دونَ الحيضِ وقرأَ فطلقوهنَّ لِقَبْلِ عدتهنَّ وهو أنْ يطلِّقَهَا طاهرًا، وحينئذٍ يستقبلُ عِدَّتَها، فلو طُلِّقَتْ حائضًا لم تكنْ مستقبلةً عِدَّتَها إلَّا بعدَ الحيضَ. وأما اللسانُ فهوَ أن القَرْءَ اسمٌ معناهُ الحبسُ، تقولُ العربُ: هو يقرئُ الماءَ في حوضِه وفي سِقَائِه، وتقولُ: يقرئُ الطعامَ في شِدْقِهِ، يعني


(١) في (ب): "أخبرنا".
(٢) سورة البقرة: الآية ٢٢٨.
(٣) زيادة من (أ).
(٤) سورة الطلاق: الآية ١.
(٥) أخرجه البخاري رقم (٥٣٣٢)، ومسلم رقم (١٤٧١).
(٦) أخرجه مسلم في صحيحه رقم (١٤/ ١٤٧١).
(٧) "قُبُلِ عِدتهنَّ" هذه قراءة ابن عباس وابن عمر. وهي قراءة شاذة لا تثبت قرآنًا بالإجماع.
ولا يكون لها حكم خبر الواحد عندنا - أي الشافعية - وعند محققي الأصوليين.