للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

يحبسُ الطعامَ فيهِ، وتقولُ إذا حبسَ الشيءَ: أقْرَأَهُ، أي خَبَّأَهُ، وقالَ الأعشَى (١):

أفي كلِّ يومٍ أنتَ جاشمُ غزوةٍ … تشدُّ لأقْصَاهَا عزيمَ عزائِكَا

مورِّثَةً عزًا وفي الحيِّ رفعةٌ … لما ضاعَ فيها منْ قروءِ نِسَائِكَا

فالقَرْءُ في البيتِ بمعنَى الظهرِ، لأنهُ ضيَّعَ أطهارَهنَّ في غزَاتِهِ وآثَرَهَا عليهنَّ أي آثرَ الغزْوَ على القعودِ فضاعتْ قروءُ نِسائِهِ بلا جماعٍ، فدلَّ على أنَّها الأطهارُ. وذهبَ جماعةٌ منَ السلفِ كالخلفاءِ الأربعةِ وابنِ مسعودِ وطائفةٌ كثيرةٌ منَ الصحابةِ والتابعينَ إلى أنَّها الحيضُ، وبهِ قالَ أئمة الحديثِ، وإليهِ رجعَ أحمدُ ونُقِلَ عنهُ أنهُ قالَ: كنتُ أقولُ إنَّها الأطهارُ وأنا اليومَ أذهبُ إلى أنَّها الحيضُ. وهوَ قولُ الحنفيةِ وغيرهمْ (٢)، واستدلُّوا بأنهُ لمْ يُسْتَعْمَلِ القَرْءُ في لسانِ الشارع إلَّا في الحيضِ كقولِه تعالَى: {وَلَا يَحِلُّ لَهُنَّ أَنْ يَكْتُمْنَ مَا خَلَقَ اللَّهُ فِي أَرْحَامِهِنَّ} (٣)، وَهذا هو الحيضُ والحملُ لأنَّ المخلوقَ في الرحمِ هوَ أحدُهما، وبهذَا فسَّرهُ السلفُ والخلفُ، وكقوله - صلى الله عليه وسلم -: "دَعِي الصلاةَ أيامَ أقرائِكِ" (٤)، ولم يقلْ أحدٌ أن المرادَ بهِ الطهرُ،


(١) والأبيات في ديوانه (٩١).
(٢) انظر: "المغني" (١١/ ١٩٩ - ٢٠٢).
(٣) سورة البقرة: الآية ٢٢٨.
(٤) وهو حديث صحيح.
روي من حديث عدي بن ثابت، ومن حديث عائشة، ومن حديث أم سلمة، ومن حديث سودة بنت زمعة.
• أما حديث عدي بن ثابت فقد أخرجه أبو داود رقم (٢٩٧)، والترمذي (١٢٦)، وابن ماجه رقم (٦٢٥)، وإسناده ضعيف.
• وأما حديث عائشة فقد أخرجه الطبراني في "الصغير" (٢/ ٢٩٢ رقم ١١٨٧ - الروض الداني) من طريق قمير امرأة مسروق عنها.
وأخرجه ابن حبان في صحيحه (٤/ ١٨٨ رقم ١٣٥٤) من طريق هشام بن عروة، عن أبيه عنها بإسناد صحيح.
• وأما حديث أم سلمة فقد أخرجه الدارقطني (١/ ٢٠٨ رقم ٨)، وقال الدارقطني: رواته كلهم ثقات ذكره الزيلعي في "نصب الراية" (١/ ٢٠٢).
• وأما حديث سودة فقد أخرجه الطبراني في "الأوسط" رقم (٩١٨٤)، وأورده الهيثمي في "مجمع الزوائد" (١/ ٢٨١) وقال: وفيه جعفر عن سودة لم أعرفه.
وانظر كلام الإمام الزيلعي في "نصب الراية" على الأحاديث هذه (١/ ٢٥١ - ٢٥٢).