للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

ولقولِه - صلى الله عليه وسلم - أخرجَه أحمدُ (١) وأبو داودَ (٢) في سَبَايَا أَوْطَاسٍ (٣): "لا توطَأُ حاملٌ حتَّى تضعَ، ولا غيرُ ذاتِ حَملٍ حتَّى تحيضَ حيضةً" وسيأتي (٤). وأجابَ الأولونَ عن الآيةِ [بأنها] (٥) أفادَتْ تحريمَ كِتْمَانِ ما خَلَقَ اللَّهُ في أرْحَامِهِنَّ، وهوَ الحيضُ أوِ الحَبَلُ أوْ كلاهُما. ولا ريبَ أن الحيضَ داخلٌ في ذلكَ، ولكنَّ تحريمَ كتمانِه لا يدلُّ على أن القرْءَ المذكورَ في الآيةِ هوَ الحيضُ، فإنَّها إذا كانتِ الأطهارُ فإنَّها تنقضي بالطَّعْنِ في الحيضةِ الرابعةِ أو الثالثةِ، فكتمانُ الحيضِ يلزمُ منهُ عدمُ معرفةِ انقضاءِ الطُّهْرِ الذي تتمُّ بهِ العِدَّةُ فتكونُ دلالةُ الآيةِ على أن الأقراءَ الأطهارُ أظهرَ [وأجابوا] (٦) عن الحديثِ الأولِ بأنَّ الأصحَّ أن لَفْظَهُ كما قالَ الشافعيُّ (٧): [أنا] (٨) مالكٌ عنْ نافعِ بن سليمانِ بن يسارٍ عنْ أمِّ سلمةَ أن النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - قالَ: "لِتَنْتَظِرْ عِدادَ الليالي والأيامِ التي كانتْ تحيضهنَّ منَ الشهر قبلَ أنْ يصيبَها الذي أصابَها ثمَّ لِتَدَعِ الصلاةَ ثمَّ لِتَغْتَسِلْ ولْتُصلِّ"، وهذهِ روايةُ نافعٍ ونافعٌ أحفظُ منْ سليمانَ عن أيوب الراوي لذلكَ اللفظِ (٩). هذا حاصلُ ما نُقِلَ عن الشافعيِّ منْ ردِّه للحديثِ الأولِ وعنِ الحديثِ الثاني بأنهُ [لا يشك] (١٠) أن الاستبراءَ وردَ بحيضةٍ وهوَ النصُّ عنْ رسولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -، وهوَ قولُ جمهورِ الأُمَّةِ. والفرقُ بينَ الاستبراءِ والعِدَّةِ أن العِدَّةَ وجبتْ قضاءً لحقِّ الزَّوْجِ فاختصتْ بزمانِ حقِّه وهوَ الطُّهْرُ وبأنَّها تتكررُ فتعلم فيها البراءةَ بواسطةِ الحيضِ بخلافٍ الاستبراءِ. واعلمْ أنهُ قدْ أكثرَ الاستدلالَ المنازعون في المسئلةِ منَ الطرفَيْنِ، كلُّ يستدلُّ على ما


(١) في "المسند" (١٧/ ٥٥ رقم ٢١ - فتح الرباني).
(٢) في "السنن" رقم (٢١٥٧).
قلت: وأخرجه الحاكم (٢/ ١٩٥)، من حديث أبي سعيد الخدري وصحَّحه على شرط مسلم. وكذلك صحَّحه المحدث الألباني في "صحيح أبي داود".
(٣) أوطاس: واد من ديار هوازن، فيه كانت وقعةُ حُنين للنبي - صلى الله عليه وسلم - ببني هوازن "معجم البلدان" (١/ ٢٨١).
(٤) رقم (١٨/ ١٠٥٦) من كتابنا هذا.
(٥) في (ب): "بأن الآية".
(٦) في (ب): "و".
(٧) في "بدائع المنن" (١/ ٣٨ رقم ١١٤).
(٨) في (ب): "أخبرنا".
(٩) أخرجها الدارقطني في "السنن" (١/ ٢٠٧ رقم ٧).
(١٠) في (ب): "لا شك".