للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

يدلُّ أنْ لا رِبا في [الحيوان] (١)، وإلا فبابهُ القرضُ. وفي الحديثِ دليل على جوازِ اقتراضِ الحيوانِ، وفيه أقوالٌ ثلاثةٌ:

الأول: جوازُ ذلكَ وهوَ قولُ الشافعيِّ (٢)، ومالكٍ (٣)، وجماهيرَ علماء السلفِ والخلَفِ، عملًا بهذا الحديثِ، وبأنَّ الأصلَ جوازُ ذلكَ إلا جاريةً (٤) لمنْ يملكُ وطْأها، فإنهُ لا يجوزُ. ويجوزُ لمنْ لا يملكُ وطأها كمحارِمِها، والمرأةُ.

والثاني: يجوزُ مطلقًا للجاريةِ وغيرِها، وهوَ لابنِ جريرٍ (٥)، وداودَ.

الثالثُ: للهادويةِ (٦)، والحنفيةِ (٧)، أنهُ لا يجوزُ قرضُ شيءٍ منَ الحيواناتِ، وهذَا الحديثُ يردُّ قولَهم. وتقدَّمَ (٨) دعواهُم النّسخَ وعدمُ صِحَّتِهِ. واعْلمْ أنَّهُ قدْ وَقَعَ في الشّرح أن حديثَ ابنَ عَمْرٍو في قرضِ الحيوانِ كما ذكرْناهُ، وراجعْنا كُتُبَ الحديثِ فوجدْنا في سننِ البيهقي (٩) ما لفظُهُ بعدَ سياقهِ بإسنادهِ قالَ عمروُ بنُ حريشٍ لعبدِ اللَّهِ بن عمرو بن العاصِ: إنَّا بأرضٍ ليسَ فيها ذهبٌ ولا فضةٌ، [أفنبيع] (١٠) البقرةَ بالبقرتينِ؟ والبعيرَ بالبعيرينِ؟ والشاةَ بالشاتين؟ فقالَ: "أمرني رسولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أنْ أجهزَ جيشًا - الحديثَ" [المصدرُ] (١١) في الكتابِ. وفي لفظٍ (١٢): "فأمرَه النبي صلى الله عليه وسلم أنْ يبتاعَ ظَهْرًا إلى خروجِ المصدقِ"، فسياقُ الأولِ واضحٌ أنهُ في البيعِ، ولفظُ الثاني صريحٌ في ذلكَ، وإذا عرفتَ هذا فحمْلُه على القرضِ خلافٌ ما دلَّ عليهِ، [وهو] (١٣) بيع الحيوانِ بالحيوانِ نسيئةً. وقدْ عارضَه حديثُ النَّهْي عنْ بيعِ الحيوانِ بالحيوانِ نسيئةً كما تقدَّمَ في الحديثِ (١٤) العاشر،


(١) في (ب): "الحيوانات".
(٢) انظر: "المعرفة" (٨/ ١٩٢)، و "التكملة الثانية للمجموع" (١٣/ ١٦٩).
(٣) انظر: "بداية المجتهد" (٣/ ٣٨٥) بتحقيقنا.
(٤) انظر: "المهذب" و "التكملة الثانية" (١٣/ ١٦٩).
(٥) انظر: "المحلَّى" (٨/ ٨٢ مسألة رقم ١٢٠١).
(٦) انظر: "البحر الزخار" (٣/ ٤٠٣).
(٧) انظر: "بدائع الصنائع" (٥/ ٢٠٩).
(٨) أثناء شرح الحديث رقم (١٠/ ٧٩٢) من كتابنا هذا.
(٩) "الكبرى" (٥/ ٢٨٧).
(١٠) في (ب): "أفأبيع".
(١١) في (ب): "المسطّر".
(١٢) في "السنن الكبرى" أيضًا (٥/ ٢٨٨).
(١٣) في (ب): "وهو في".
(١٤) وهو الحديث رقم (١٠/ ٧٩٢) من كتابنا هذا.