للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وأخرجَ الترمذيُّ (١) منْ حديثِ ابن عباسٍ: "أن النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - دخلَ قبرًا ليلًا، فأُسرِجَ لهُ سراجٌ فأخذَ منْ قبلِ القبلةِ فقالَ: رحمكَ اللَّهُ إنْ كنتَ لأوَّاهًا تلَّاءً للقرآنِ" الحديثَ.

قالَ: هوَ حديثٌ حَسَنٌ، قالَ: وقدْ رخَّصَ أكثرُ أهلِ العلمِ في الدفنَ ليلًا.

وقالَ ابنُ حزمٍ (٢): لا يدفنُ أحدٌ ليلًا إلا أن يضطرَّ إلى ذلكَ، قالَ: ومَنْ دُفِنَ ليلًا مِنْ أصحابِه - صلى الله عليه وسلم - وأزواجهِ فإنهُ لضرورةٍ أوجبتْ ذلكَ منْ خوف زحامٍ أو خوفِ الحرِّ على مَنْ حضرَ، أو خوفِ تغيرٍ، أو غيرِ ذلكَ مما يبيحُ الدفنَ ليلًا. ولا يحلُّ لأحدٍ أنْ يظنَّ بهمْ - رضي الله عنهم - خلافَ ذلكَ، انتهَى.

تنبيهٌ: تقدمَ في الأوقاتِ حديثُ عقبةَ بن عامرٍ (٣): "ثلاثُ ساعاتٍ كانَ رسولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أن نصليَ فيهنَّ، وأنْ نقبرَ فيهنَّ موتانا، حينَ تطلعُ الشمسُ بازغةً حتَّى ترتفعَ، وحينَ يقومُ قائمُ الظهيرةِ حتَّى تزولَ الشمسُ، وحينَ تضيفُ


(١) في "السنن" (٣/ ٣٧٢ رقم ١٠٥٧)، وقال: حديث حسن.
قال النووي في المجموع (٥/ ٣٠٢): "هو حديث ضعيف. فإن قيل قد قال فيه الترمذي حديث حسن. قلنا: لا يقبل قول الترمذي في هذا لأنه من رواية الحجاج بن أرطاة وهو ضعيف عند المحدثين، ويحتمل أنه اعتضد عند الترمذي بغيره فصار حسنًا" اهـ.
وقال الألباني في "أحكام الجنائز" (ص ١٤٢): "يعني أنه حسن لغيره، وهذا اصطلاح خاص للترمذي أنه إذا قال: "حديث حسن" فإنما يريد الحسن لغيره كما نص عليه هو في "العلل" المذكور في آخر كتابه، وقد جاء له شاهد - من حديث جابر بن عبد الله، أخرجه أبو داود (٣١٦٤)، والحاكم (١/ ٣٦٨)، والبيهقي (٤/ ٥٣)، وقال الحاكم: صحيح على شرط مسلم، ووافقه الذهبي. وزاد عليهما النووي في "المجموع" (٥/ ٣٠٢): "رواه أبو داود بإسناد على شرط البخاري ومسلم.
قلت: والقائل الألباني: وكل ذلك خطأ، فإن مدار إسناده على محمد بن مسلم الطائفي، وهو وإن كان ثقة في نفسه، فقد كان ضعيفًا في حفظه، ولذلك لم يحتج الشيخان به، وإنما روى له البخاري تعليقًا، ومسلم استشهادًا. ومن العجائب أن الحاكم والذهبي على علم ببعض هذا، فقد ذكر المزي أن الطائفي هذا ليس له في مسلم إلا حديثًا واحدًا، قال الحافظ ابن حجر: وهو متابعة عنده، كما نص عليه الحاكم. وكذلك صرح الذهبي في ترجمته من "الميزان" أن مسلمًا روى له متابعة.
وخلاصة القول: أن الحديث حسن لغيره، والله أعلم.
(٢) في "المحلَّى" (٥/ ١١٤ - ١١٥).
(٣) أخرجه مسلم (٨٣١) وقد تقدم رقم (١٤/ ١٥٣) من كتابنا هذا.