للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

حسابِها). معناهُ أن المالكَ لا يفرقُ ملكَهُ عنْ ملكِ غيرهِ حيثُ كانا خليطينِ كما تقدَّمَ، (مَنْ أعطاها مؤتجرًا بها) أي: قاصدًا للأجرِ بإعطائِها (فلهُ أجرُها، ومنْ منعَها فإنَّا آخذوها وشطرَ مالهِ عزمةٌ) يجوزُ رفعهُ على أنهُ خبرُ مبتدأ محذوفٍ، ونصبُه على المصدريةِ، وهوَ مصدرٌ مؤكدٌ لنفسهِ مثلُ: لهُ عليَّ ألفُ درهمٍ اعترافًا، والناصبُ لهُ فعلٌ يدلُّ عليهِ [جملة] (١): فإنَّا آخذُوها، والعزمةُ الجدُّ في الأمرِ، يعني أن أخذَ ذلكَ بجدٍّ فيهِ لأنهُ واجبٌ مفروضٌ (منْ عزماتِ ربِّنا، لا يحلُّ لآلِ محمدٍ منْها شيءٌ. رواهُ أحمدُ، وأبو داودَ، والنسائيُّ، وصحَّحه الحاكئم، وعلَّقَ الشافعيُّ القولَ بهِ على ثبوتهِ) فإنهُ قالَ: هذا الحديثُ لا يثبتهُ أهلُ العلم بالحديثِ، لو ثبتَ لقُلْنا بهِ.

وقالَ ابنُ حبانَ (٢): كانَ - يعني بهزًا - يخطئُ كثيرًا، ولولا هذا الحديثُ لأدخلتهُ في الثقاتِ، وهوَ مَنْ أستخيرُ اللَّهَ فيهِ.

والحديثُ دليلٌ على أنهُ يأخذُ الإمامُ الزكاةَ قَهْرًا ممَّنْ منعَها، والظاهرُ أنهُ مجمعٌ عليهِ، وأن نيةَ الإمامِ كافيةٌ، وأنها تجزئُ مَنْ هي عليهِ وإنْ فاتهُ الأجرُ فقدْ سقطَ عنهُ الوجوبُ. وقولُه: وشطرَ مالِه هوَ عطفٌ على الضميرِ المنصوبِ في آخذوها، والمرادُ من الشطرِ البعضُ، وظاهرهُ أن ذلكَ عقوبةٌ بأخذِ جزءِ منَ المالِ على منعهِ إخراجِ الزكاةِ. وقدْ قيلَ: إنَّ ذلكَ منسوخٌ أوْ لم يقمْ مدَّعي النسخِ دليلًا على النسخِ، بلْ دلَّ على عدمهِ أحاديثُ أُخَرُ ذكرَها في الشرحِ. وأما قولُ (٣) المصنفِ: إنهُ لا دليلَ في حديثِ بهز على جوازِ العقوبةِ بالمالِ لأنَّ الروايةَ: "وشُطّرَ مالهِ " بضمِّ الشينِ، فعلٌ مبني للمجهولِ، أي: جعلَ ماله شطرينِ ويتخيرُ عليهِ المصدقُ ويأخذُ الصدقةَ منْ خيرِ الشطرينِ عقوبةً لمنعهِ الزكاةَ.

قلتُ: وفي النهايةِ (٤) ما لفظُه: قالَ الحربيُّ: غَلِطَ الرُّاوي في لفظِ الرّوايةِ إنَّما هيَ وشُطِّرَ مالهُ، أي: يُجْعَلُ مالهُ شَطْرَينِ إلى آخرِ ما ذكرهُ المصنفُ.

وإلى مثلهِ جنحَ صاحبُ ضوءِ النهارِ (٥) فيهِ وفي غيرهِ منْ رسائِله، وذكرْنا في


(١) في (أ): "لفظ".
(٢) في "المجروحين" (١/ ١٩٤).
(٣) جوابه قوله قلت إلخ …
(٤) لابن الأثير (١/ ٤٧٣).
(٥) للجلال (٢/ ٣٥٠ - ٣٥١).