للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

بفتحِ الهمزةِ، وكسرِ السينِ المهملةِ، وسكونِ المثناةِ التحتيةِ (قالَ: أمرَ رسول اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أنْ يخرصَ العنبُ كما يخرصُ النخلُ، وتؤخذُ زكاتُه زبيبًا. رواهُ الخمسةُ وفيهِ انقطاعُ)، لأنه رواهُ سعيدُ بنُ المسيبِ عنْ عتابٍ (١). وقدْ قالَ أبو داودَ (٢): إنهُ لم يسمعْ منهُ. قالَ أبو حاتمٍ (٣): الصحيحُ عنْ سعيد بن المسيبِ أن النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - أمرَ عتابًا (مرسلٌ)، قالَ النوويُّ (٤): وهوَ إنْ كانَ مرسلًا فهوَ يعتضدُ بقولِ الأئمةِ. والحديثُ دليلٌ على وجوبِ خرصِ التمرِ والعنبِ، لأنَّ قولَ الراوي: "أمرَ"، يفهمُ أنهُ أَتَى - صلى الله عليه وسلم - بصيغةٍ تفيدُ الأمرَ والأصلُ فيهِ الوجوبُ، وبالوجوبِ قالَ الشافعيُّ (٥) - رحمه الله -، وقالتِ الهادويةُ: أنهُ مندوبٌ. وقالَ أبو حنيفةَ (٦): إنهُ محرَّمٌ لأنهُ رجمٌ بالغيبِ. وأجيبَ عنهُ بأنهُ عملٌ بالظنِّ وردَ بهِ أمرُ الشارعِ، ويكفي فيهِ خارصٌ واحدٌ عَدْلٌ لأنَّ الفاسقَ لا يَقْبَلُ خبرَه، عارفٌ؛ لأنَّ الجاهلَ بالشيءِ ليسَ منْ أهلِ الاجتهادِ فيهِ لأنهُ - صلى الله عليه وسلم - كانَ يبعثُ عبدَ اللَّهِ بنَ رواحةَ (٧) وحدَه يخرصُ على أهلِ خيبرَ، ولأنهُ كالحاكمِ يجتهدُ ويعملُ، فإنْ أصابتِ الثمرةَ جائحةٌ بعدَ الخرصِ فقالَ ابنُ عبدِ البرِّ: أجمعَ مَنْ يحفَظُ عنهُ العلمُ أن المخروصَ إذا أصابتْهُ جائحةٌ قبلَ الجذاذِ فلا ضمانَ. وفائدةُ الخرصِ أمنُ الخيانةِ منْ ربِّ المالِ، ولذلكَ يجبُ عليهِ البيِّنةُ في دعْوى النقصِ بعدَ الخرصِ، وضبطُ حقِّ الفقراءِ على المالكِ،


(١) في المخطوط (أ): يوجد كلمة زائدة هي: "وقد قالوا"، فلذا حذفتها.
(٢) في "السنن" (٢/ ٢٥٨).
(٣) في "العلل" (١/ ٢١٣).
(٤) في "المجموع" (٥/ ٤٥١).
(٥) انظر: "مغني المحتاج" للخطيب الشربيني (١/ ٣٨٦ - ٣٨٧)، وفيه أن الخرص سنة وقد قيل إنه واجب.
(٦) انظر: "اللباب في الجمع بين السنة والكتاب" لعلي بن زكريا المنبجي (١/ ٣٩٤ - ٣٩٦).
(٧) وهو حديث حسن.
• أخرجه أحمد (٢/ ٢٤)، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" (٢/ ٣٨) من حديث ابن عمر.
• وأخرجه أبو داود (٣/ ٦٩٧ رقم ٣٤١٠)، وابن ماجه (١٨٢٠) من حديث ابن عباس.
• وأخرجه أبو داود (٣٤١٣ و ٣٤١٤)، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" (٢/ ٣٨ - ٣٩)، والدارقطني (٢/ ١٣٣)، والبيهقي (٤/ ١٢٣)، وأحمد (٣/ ٣٦٧)، من حديث جابر بن عبد الله.