للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

لخمسةٍ: لعاملٍ عليْها، أو رجلٍ اشتراها بمالهِ، أو غارمٍ، أو غازٍ في سبيلِ اللهِ، أو مسكينٍ تصُدِّقَ عليهِ منها، فأهدَى منْها لغنيٍّ. رواهُ أحمدُ، وأبو داودَ، وابنُ ماجهْ، وصحَّحهُ الحاكمُ، وأُعِلَّ بالإرسالِ). ظاهرهُ إعلالُ ما أخرجهُ المذكورونَ جميعًا. وفي الشرحِ أنَّ التي أُعِلَّتْ بالإرسالِ روايةُ الحاكمِ التي حكم بِصِحَّتِها. وقولُه: لغني، قد اختلفتِ الأقوالُ في حدِّ الغنَى الذي يحرُمُ بهِ قبضُ الصدقةِ على أقوالٍ، وليسَ عليها ما تسكنُ له النفسُ منَ الاستدلالِ؛ لأنَّ المبحثَ ليسَ لغويًا حتى يُرْجَعَ فيهِ إلى تفسيرِ لغةٍ؛ ولأنهُ في اللغةِ أمرٌ نسبيٌّ لا يتعينُ في قدرٍ. وقد وردتْ أحاديثُ معينةٌ لقدرِ الغنَى الذي يحرمُ بهِ السؤالُ كحديثِ أبي سعيدٍ عندَ النسائيِّ (١): "مَنْ سألَ ولهُ أوقيةٌ فقدْ ألحفَ"، وعندَ أبي داودَ (٢): "مَنْ سَأَلَ مِنْكُمْ وَلَهُ أوقيةٌ أَوْ عَدْلُها فَقَدْ سَأَلَ إِلْحَافًا"، وَأخرَجَ أيْضًا (٣): "مَنْ سألَ ولهُ ما يغنيهِ [فإنما] (٤) يستكثرُ منَ النارِ. قالُوا: وما يُغنيه؟ قالَ: قدرُ ما يعشِّيهِ ويغدِّيهِ" صحّحهُ ابنُ حبانَ (٥)، فهذَا قدرُ الغنَى الذي يحرمُ معهُ السؤالُ. وأما الغِنَى الذي يحرُمُ معهُ قبضُ الزكاةِ فالظاهرُ أنهُ مَنْ تجبُ عليهِ الزكاةُ؛ وهوَ مَنْ يملكُ مائتي درهمٍ، لقولِه - صلى الله عليه وسلم -: "أُمرِتُ أنْ آخذَها منْ أغنيائكم، وأردَّها في فقرائِكم" (٦)، فقابلَ بين الغَنِيِّ، وأفادَ أنهُ مَنْ تجبُ عليهِ الصدقةُ، وبَيَّنَ الفقيرَ وأخبرَ أنهُ مَنْ تردُ فيهِ الصدقةُ، هذا أقربُ ما يقالُ فيه، وقدْ بيَّنَاهُ في رسالةِ: "جوابِ سؤالٍ" (٧).


(١) في "السنن" (٥/ ٩٨ رقم ٢٥٩٥).
(٢) في "السنن" (١٦٢٨)، وهو حديث حسن.
(٣) في "السنن" (١٦٢٩) عن أبي كبشة السلولي، حدثنا سهل بن الحنظلية قال: قدم على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عُيينة بن حصن والأقرع بن حابس فسألاه، فأمر لهما بما سألا، وأمر معاوية فكتب لهما بما سألا، فأما الأقرع فأخذ كتابه، فلفَّه في عمامته وانطلق، وأما عيينة فأخذ كتابه وأتى النبي - صلى الله عليه وسلم - مكانه، فقال: يا محمد، أتراني حاملًا إلى قومي كتابًا لا أدري ما فيه .... الحديث.
(٤) في (أ): "فإنه".
(٥) في "الإحسان" (٨/ ١٨٧ رقم ٣٣٩٤). وهو حديث صحيح.
(٦) تقدم تخريجه في شرحِ الحديث رقم (٤/ ٥٩٠) من كتابنا هذا.
(٧) وهي: "جواب سؤال في أخذ الأجرة على الصلاة والأذان". مجموع (٧)، من الصفحة (١٩٣ - ١٩٦). مخطوط.