للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

الحديثُ دليلٌ علَى وجوبِ صومِ رمضانَ لرؤيةِ هلالهِ وإفطار [هـ] (١) أولَ يومٍ منْ شوَّالٍ لرؤيةِ هلالهِ، وظاهرهُ اشتراطُ رؤيةِ الجميعِ لهُ من المخاطبينَ، لكنْ قامَ الإجماعُ على عدمِ وجوبِ ذلكَ، بلِ المرادُ ما يثبتُ بهِ الحكمُ الشرعيُّ من إخبارِ الواحدِ العدْلِ أو الاثنينِ على الخلاف في ذلكَ، فمعنَى إذا رأيتموهُ إذا وُجِدَتْ فيما بينَكم الرؤيةَ، فيدلُّ [هذا] (٢) على أن رؤيةَ بلدٍ رؤيةٌ لجميعِ أهلِ البلادِ فيلزمُ الحكمُ. وقيلَ: لا يعتبرُ لأنَّ قولَه إذا رأيتموه خطابٌ لأناسٍ مخصوصينَ بهِ. وفي المسألةِ أقوالٌ ليسَ على أحدِها دليلٌ ناهضٌ، والأقربُ لزومُ أهل بلدٍ الرؤيةَ وما يتصلُ بها من الجهاتِ التي على سَمْتِها.

وفي قولهِ: (لرؤيته) دليلٌ على أن الواحدَ إذا انفردَ برؤيةِ الهلالِ لزمهُ الصومُ والإفطارُ وهوَ قولُ أئمةِ الآلِ (٣)، وأئمةِ المذاهبِ الأربعةِ (٤) في الصومِ. واختلفُوا في الإفطارِ فقالَ الشافعيُّ: يفطرُ ويخفيهِ، وقالَ الأكثرُ: يستمرُ صائمًا احتياطًا كذَا قالهُ في الشرحِ، ولكنهُ تقدمَ لهُ في أولِ بابِ صلاةِ العيدينِ أنهُ لم يقلْ بأنهُ يتركُ يقينَ نفسهِ ويتابعُ حكمَ الناس إِلا محمدَ بنَ الحسنِ الشيباني، وأنَّ الجمهورَ يقولونَ: أنهُ يتعيَّنُ عليهِ حكمُ نفسهِ فيما يتيقنُه فناقض هنا ما سلفَ. وسببُ الخلافِ قولُ ابن عباسٍ لكريبٍ إنهُ لا يعتدُّ برؤيةِ الهلالِ وهوَ بالشامِ بلْ يوافقُ أهلَ المدينةِ فيصومُ الحادي والثلاثينَ باعتبارِ رؤيةِ الشام لأنهُ يومُ الثلاثينَ عندَ أهلِ المدينةِ، وقالَ ابنُ عباسٍ: إنَّ ذلكَ منَ السنَّةِ. وتقدَّمَ الحديثُ وليسَ بنصٍّ فيما احتجُّوا بهِ لاحتمالهِ كما تقدَّمَ، فالحقُّ أنهُ يعملُ بيقينِ نفسهِ صومًا وإفطارًا،


(١) زيادة من (ب).
(٢) في (أ): "هنا".
(٣) انظر: "الروض النضير" (٣/ ٨٥).
(٤) انظر: "اللباب شرح الكتاب" لعبد الغني الميداني.
و"الكتاب": للقدوري. مطبعة صبيح بالقاهرة (١/ ١٦٤).
"ومراقي الفلاح شرح نور الإيضاح" للشرنبلالي. المطبعة العلمية بمصر (ص ١٠٨) وما بعدها.
و"القوانين الفقهية" لابن جزي (ص ١١٥ وما بعدها).
و"الشرح الصغير" للدردير بحاشية الصاوي دار المعارف بمصر (١/ ٦٨٢ وما بعدها). و "الشرح الكبير" للدردير بحاشية الدسوقي مطبعة البابي الحلبي (١/ ٥٠٩ وما بعدها).
و"المهذب" (١/ ١٧٩)، و "مغني المحتاج" (١/ ٤٢٠ - ٤٢٢).
و"المغني" لابن قدامة، ط ٣، بدار المنار بالقاهرة (٣/ ١٥٦ - ١٦٣).