للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

ثمانٍ وثمانينَ، وهوَ آخرُ مَنْ ماتَ منَ الصحابةِ بالمدينةِ (أن رسولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - قالَ: لا يزالُ الناسُ بخيرٍ ما عجَّلوا الفطرَ. متفقٌ عليهِ). زادَ أحمدُ (١): "وأَخَّرُوا السحورَ"، زادَ أبو داودَ (٢): "لأنَّ اليهودَ والنَّصارى يؤخِّرونَ الإفطارَ إلى اشتباكِ النجومِ". قالَ في شرحِ المصابيحِ: ثمَّ صارَ في مِلتِنَا شعارًا لأهلِ البدعةِ وسمةً لهمْ. والحديثُ دليلٌ على استحبابِ تعجيلِ الإفطارِ إذا تحققَ غروبُ الشمسِ بالرؤيةِ، أو بإخبارِ مَنْ يجوزُ العملُ بقولهِ. وقدْ ذكرَ العلةَ وهيَ مخالفةُ اليهودِ والنَّصارى. قالَ المهلَّبُ: والحكمةُ في ذلكَ أنهُ لا يزادُ في النهارِ منَ الليلِ، ولأنهُ أرْفَقُ بالصائمِ، وأقوى [للعبادة] (٣). قالَ الشافعيُّ رحمهُ الله: تعجيلُ الإفطارِ مستحبٌّ ولا يكرهُ تأخيرُه إلا لمنْ تعمَّدَهُ ورأى الفضلَ فيهِ.

قلتُ: في إباحتهِ - صلى الله عليه وسلم - الموَاصَلةُ إلى السَّحَرِ كما في حديثِ أبي سعيد (٤) ما يدلُّ على أنهُ لا كراهةَ إذا كانَ ذلكَ سياسةً للنفسِ ودفعًا لشهوتِها، إلَّا أنَّ قولَه:

١٠/ ٦١٩ - وَللترْمِذِيِّ (٥) مِنْ حَدِيثِ أَبي هُرَيْرَةَ - رضي الله عنه - عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: "قَالَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: أَحَبُّ عِبَادِي إِلَيّ أَعْجَلُهُمْ فِطرًا". [حسن].

(وللترمذيِّ منْ حديثِ أبي هريرةَ - رضي الله عنه - عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - قالَ: قالَ اللهُ عزَّ وجلَّ: أحبُّ عِبَادي إليَّ أعجلُهم فِطْرًا) دالٌّ على أن تعجيلَ الإفطارِ أحبُّ إلى اللهِ تعالى منْ تأخيرِه، وأنَّ أباحةَ المواصلةِ إلى السَّحَر لا تكونُ أفْضَلَ مِنْ تعْجِيلِ الإفْطارِ، أَوْ يُرادُ بِعبادِي الَّذينَ يُفطِرون وَلا يُواصِلونَ إلى السَّحَر. وأما رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - فإنهُ خارجٌ عنْ عمومِ هذا الحديثِ لتصريحهِ - صلى الله عليه وسلم -[أنه] (٦) ليسَ مثلَهم كما يأتي، [فهوَ


(١) في "المسند" (٥/ ١٧٢) من حديث أبي ذر.
(٢) في "السنن" (٢٣٥٣). قلت: وأخرجه ابن ماجه (١٦٩٨) كليهما من حديث أبي هريرة بإسناد صحيح.
(٣) في (ب): "له على العبادة".
(٤) أخرجه البخاري (١٩٦٧)، وأبو داود (٢٣٦١).
(٥) في "السنن" (٧٠٠) بإسناد ضعيف، ولكن له شواهد بمعناه يقوى بها.
قلت: وأورده الحافظ في "التلخيص الحبير" (٢/ ١٩٨ رقم ٨٩٨) ولم يعقب عليه.
وخلاصة القول: أن الحديث حسن بشواهده.
(٦) في (ب): "بأنه".