للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

بُضَاعَةَ (١)؛ وهي بئرٌ يُطْرَحُ فيها الحِيضُ (٢)، ولحمُ الكلابِ والنَّتْنُ (٣)، فقال: الماءُ طَهُورٌ". الحديث هكذا في "سنن أبي داود وفي لفظٍ فيه: "إنَّ الماءَ" كما ساقَهُ المصنفُ.

واعلم أنهُ قد أطالَ في الشرحِ (٤) المقال، واستوفى ما قيلَ في حُكْمِ المياهِ منَ الأقوال، وَلْنَقْتَصِرْ في الخوضِ في المياهِ على قدرٍ يجتمعُ بهِ شَمْلُ الأحاديثِ، وَيُعْرَفُ مأخَذُ الأقوالِ، ووجوهُ الاستدلالِ، فنقولُ: قد وردَتْ أحاديثُ يؤخَذُ منها أحكامُ المياهِ، فورد حديثُ: "الماءُ طَهُورٌ لا ينجِّسُهُ شَيْءٌ" (٥)؛ وحديثُ: "إذا بَلَغَ الماءُ قُلَّتَيْنِ لم يَحْمِلِ الخَبَثَ" (٦)، وحديثُ الأمرُ بصبِّ ذَنَوبٍ مِنْ ماءٍ على بولِ


(١) قالَ ياقوتُ الحَمَوِيُّ في "معجم البلدانِ" (١/ ٤٤٢): "بُضاعة: بالضَّمِّ وقد كَسَرَهُ بعضُهُم، والأولُ أكثر. وهي دارُ بني ساعدةَ بالمدينة وبئرها معروفَةٌ". اهـ.
وقال أبو داود في "سننه" (١/ ١٢٩ - ١٣٠ مع العون): "سمعتُ قُتيبة بن سعيدٍ قالَ: "سألتُ قيِّمَ بئرِ بُضاعَةَ عن عُمْقِهَا، قال: أكثَرُ ما يكونُ فيها الماءُ إلى العانةِ، قُلتُ: فإذا نقص؟ قال: دون العَوْرَةِ.
قال أبو داودَ: وقدَّرتُ أنا بئر بُضاعَةَ بردائي مددتُهُ عليها ثم ذرعتُهُ فإذا عرضُها ستةُ أذْرُعٍ، وسألتُ الذي فتح لي بابَ البستانِ فأدخلني إليهِ، هل غُيِّر بناؤها عما كانتْ عليهِ؟ قال: لا. ورأيتُ فيها ماءَ متغيرَ اللَّونِ". اهـ.
(٢) الحِيض: أي الخِرَقُ التي يستثفر بها النساء، واحدتها حِيضَةٌ بكسر الحاء؛ [القاموس الفقهي: سعدي أبو جيب ص ١٠٧، ومختار الصحاح (ص ٦٩)].
(٣) (النَّتْنُ) الرائحة الكريهة وقد (نَتُنَ) الشيءُ من بابِ سَهُل وظَرُفَ و (نَتْنًا) أيضًا و (أَنْتَن) فهو مُنتنٌ و (مِنْتِنٌ) بكسر الميم إتْبَاعًا للتاء، وقوْم (منَاتِينُ)، وقالوا: ما أَنْتَنَهُ. [مختار الصحاح (ص ٢٦٩)].
قال السندي في حاشيته على النسائي (١/ ١٧٤): (قيل: عادةُ الناس دائمًا في الإسلام والجاهلية تنزيهُ المياهِ وصونُها عن النجاساتِ فلا يتوهَّمُ أن الصحابَةَ وهمْ أطهرُ الناسِ وأنزهُهُمْ كانوا يفعلون ذلك عمدًا مع عزة الماءِ فيهم، وإنما كانَ ذلك مِنْ أجلِ أن هذِهِ البئْرَ كانت في الأرضِ المنخفضَةِ وكانت السيُولُ تحملُ الأقذارَ من الطُّرُقِ وتُلقيها فيها؛ وقيل: كانت الريح تلقي ذلكَ، ويجوزُ أنْ يكونَ السَّيْلُ والريح تلقيان جميعًا؛ وقيل: يجوز أَنَّ المنافقين كانوا يفعلونَ ذلك). اهـ.
(٤) أي المغربي في "البدر التمام".
(٥) وهو حديث صحيح تقدَّم تخريجه رقم (٢).
(٦) وهو حديث صحيح سيأتي تخريجه رقم (٤).