للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

يكنْ صائمًا في إحرامهِ إذا أريدَ إحرامهُ وهوَ في حجَّةِ الوداعِ؛ إذْ ليسَ في رمضانَ، ولا كانَ محرمًا في سفرهِ في رمضانَ عامَ الفتحِ، ولا في شيءِ منْ عُمَرِهِ التي اعتمرَهَا، وإن احتملَ أنهُ صامَ نفلًا إلَّا أنهُ لم يعرفْ ذلكَ، وفي الحديثِ رواياتٌ.

وقالَ أحمدُ: إنَّ أصحابَ ابن عباسٍ لا يذكرونَ صيامًا. وقالَ أبو حاتمٍ (١): "أخطأ فيهِ شريكٌ إنَّما هوَ احتجمَ وأعطَى الحجَّامَ أُجْرَتَهُ. وشريكٌ حدَّثَ بهِ مِنْ حفظِه، وقدْ ساءَ حفظهُ". فَعَلَى هذا الثابتُ إنما هوَ الحاجةُ. والحديثُ يحتملُ أنهُ إخبارٌ عنْ كلِّ جملةٍ على حِدَةٍ، وأنَّ المرادَ احتجمَ وهوَ محرمٌ في وقتٍ، واحتجمَ وهوَ صائمٌ في وقتٍ آخرَ، والقرينةُ على هذا معرفةُ أنهُ لم يتفقْ لهُ اجتماعُ الإحرامِ والصيامِ، وأما تغليطُ شريكٍ وانتقالُه إلى ذلكَ اللفظِ فَأَمْرٌ بعيدُ، والعمل على صحةِ روايتِه معَ تأويلِها أَوْلى.

وقدِ اختُلِفَ فيمنِ احتجَم وهوَ صائمٌ، فذهبَ إلى أنها لا تفطِّر الصيَّام الأكثرون منَ الأئمةِ، وقالُوا: إنَّ هذا ناسخٌ لحديثِ شدَّادِ بن أَوْسٍ وهوَ:

١٧/ ٦٢٦ - وَعَنْ شَدَّادِ بْنِ أَوْسِ أنَّ النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم - أَتَى عَلَى رَجُلٍ بِالْبَقِيعِ وَهُوَ يَحْتَجِمُ في رَمَضَانَ فَقَالَ: "أَفْطَرَ الْحَاجِمُ وَالْمَحْجُومُ". رَوَاهُ الْخَمْسَةُ إِلَّا التِّرْمِذِيَّ (٢)، وَصَحّحَهُ أَحْمَدُ (٣)، وَابْنُ خُزَيْمَةَ (٤)، وَابْنُ حِبَّان (٥). [صحيح].

(وعنْ شدادِ بن أوسٍ أنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - أَتَى عَلَى رجلٍ بالبقيعِ وهوَ يحتجمُ في


(١) في "العلل" (١/ ٢٣٠ رقم ٦٦٨).
(٢) أحمد (٤/ ٢٤، ١٢٣، ١٢٤، ١٢٥)، وأبو داود (٢٣٦٨)، والنسائي (٤/ ١٤٤ - مع تحفة الأشراف)، وابن ماجه (١٦٨١).
(٣) قال علي بن سعيد النسوي: سمعت أحمد يقول: هو أصح ما روي فيه - كما في "التلخيص" (٢/ ١٩٣).
(٤) في "صحيحه" (٣/ ٢٢٦ رقم ١٩٦٣).
(٥) في "الإحسان" (٨/ ٣٠٢ رقم ٣٥٣٣).
قلت: وأخرجه الدارمي (٢/ ١٤)، والطبراني في "الكبير" (رقم: ٧١٥١) و (٧١٥٢)، و (٧١٤٧)، و (٧١٤٩)، (٧١٥٠) و (٧١٥٣) و (٧١٥٤) و (٧١٨٤) و (٧١٨٨)، والبيهقي (٤/ ٢٦٥)، وعبد الرزاق في "المصنف" (رقم: ٧٥١٩)، وابن أبي شيبة في "المصنف" (٣/ ٤٩ - ٥٠) من طرق.