للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

(وعنْ أبي هريرةَ - رضي الله عنه - قالَ: قالَ رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: مَنْ نسيَ وهوَ صائمٌ، فأكلَ أو شربَ فليتمَّ صومَه، فإنَّما أطعمهُ اللهُ وسقاهُ)، وفي روايةِ الترمذيِّ (١): "فإنَّما هو رزقٌ ساقهُ اللهُ إليهِ" (متفقٌ عليه. وللحاكمِ) أي: [عن] (٢) أبي هريرةَ: (مَنْ أفطرَ في رمضانُ ناسيًا فلا قضاءَ عليهِ ولا كفارةَ. وهوَ صحيحٌ)، وورود لفظِ: مَنْ أفطرَ يعمُّ الجماعَ، وإنَّما خصَّ الأكلَ والشربَ لكونِهما الغالبَ في النسيانِ كما قالهُ ابنُ دقيقِ العيدِ.

والحديثُ دليلٌ على أن مَنْ أكلَ أو شربَ أو جامعَ ناسيًا لصومهِ فإنهُ لا يفطرهُ ذلكَ لدلالةِ قولهِ: "فليتمَّ صومَهُ" على أنهُ صائمٌ حقيقةً، وهذَا قولُ الجمهور (٣)، وزيدُ بنُ عليٍّ، والباقرُ، وأحمدُ بنُ عيسى، والإمامُ يحيى، والفريقينِ. وذهبَ غيرُهم إلى أنهُ يفطرُ، قالُوا: لأنَّ الإمساكَ عن المفطراتِ ركنُ الصومِ، فحكمهُ حكمُ مَنْ نسيَ ركنًا منَ الصلاةِ، فإنَّها تجبُ عليهِ الإعادةُ وإنْ كانَ ناسيًا. وتأَوَّلُوا قولَه: "فليتمَّ صومَهُ" بأنَّ المرادَ فليتمَّ إمساكَهُ عن المفطراتِ. وأجيبَ بأنَّ قولَهُ: "فلا قضاء عليهِ ولا كفارةَ" صريحٌ في صحَّةِ صومهِ وعدمِ قضائهِ لهُ.

وقدْ أَخْرجَ الدارقطنيُّ إسقاطَ القضاءِ في روايةِ أبي رافعٍ (٤)، وسعيدٍ المقبريِّ (٥)، والوليدِ بن عبدِ الرحمنِ (٦)، وعطاء بن يسارٍ (٧)، كلُّهم عنْ أبي هريرةَ. وأفتَى بهِ جماعةٌ منَ الصحابةِ، منْهم عليٌّ - رضي الله عنه - وزيدُ بنُ ثابتٍ، وأبو هريرةَ، وابنُ عمرَ، كما قالُ ابنُ المنذرِ، وابنُ حزمٍ (٨). وفي سقوطِ القضاءِ أحاديثُ يشدُّ بعضُها بعضًا، ويتمُّ الاحتجاجُ بها. وأما القياسُ على الصلاةِ فهوَ


(١) في "السنن" (٣/ ١٠٠): " .. فإنما هو رزقٌ رزَقه اللهُ".
واللفظ المذكور عند الدارقطني (٢/ ١٧٨ رقم ٢٧).
(٢) في (ب): "من".
(٣) انظر: "نيل الأوطار" (٤/ ٢٠٦ - ٢٠٧).
(٤) أخرجه الدارقطني (٢/ ١٧٩ رقم ٣٠) وقال: نصر بن طريف أبو جزء ضعيف.
(٥) أخرجه الدارقطني (٢/ ١٧٩ رقم ٣١) وقال: ياسين ضعيف الحديث، وعبد الله بن سعيد مثله.
(٦) و (٧) أخرجه الدارقطني (٢/ ١٧٩ رقم ٣٣) وقال: والحكم بن عبد الله هو ابن سعد الأيلي ضعيف الحديث.
(٨) في "المحلَّى" (٦/ ٢٢٠ - ٢٢٦).