للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

إنهُ لم يبلغْ مالكًا هذا الحديثُ يعني حديثُ مسلمٍ. واعلمْ أنَّ أجرَ صومِها يحصلُ لمنْ صامَها متفرِّقةً أو متواليةً، ومَنْ صامَها عقيبَ العيدِ أو في أثناءِ الشهرِ. وفي سننِ الترمذيِّ (١) عن ابن المباركِ أنهُ اختارَ أنْ تكون ستةَ أيامٍ منْ أولِ شوالٍ. وقدْ رُوِيَ عن ابن المباركِ أنهُ قالَ: مَنْ صَامَ ستةَ أيامٍ منْ شوالٍ متفرقًا فهو جائزٌ.

قلت: ولا دليلَ على كونِها منْ أولِ شوالٍ، إذْ مَنْ أَتَى بِها في شوالٍ في أي أيامهِ [فقد] (٢) صدقَ عليهِ أنهُ أتبعَ رمضانَ ستًا من شوالٍ، وإنَّما شبَّهها بصيامِ الدهرِ لأنَّ الحسنةَ بعشرِ أمثالِها؛ فرمضانُ بعشرةِ أشهرٍ وستٌ من شوالٍ بشهرينِ، وليسَ في الحديثِ دليلٌ على مشروعيةِ صيامِ الدهرِ، ويأتي بيانُه في آخرِ البابِ.

(واعلمْ) أنهُ قالَ التقي السُّبكيُّ (٣) إنهُ قدْ طعنَ في هذا الحديثِ مَنْ لا فَهْمَ لهُ مغترًّا بقولِ الترمذي: إنهُ حسنٌ، يريدُ في روايةِ سعدِ بن سعيدٍ الأنصاريِّ أخي يحيى بن سعيدٍ.

قلت: ووجهُ الاغترارِ أنَّ الترمذيَّ لمْ يصفْه بالصحةِ بلْ بالحسنِ وكأنهُ في نسخةٍ والذي رأيناهُ في سننِ الترمذي (٤) بعدَ سياقِه للحديثِ ما لفظُهُ: قالَ أبو عِيسَى: حديثُ أبي أيوبَ حديثٌ حَسَنٌ صحيحٌ، ثمَّ قالَ: وسعدُ بنُ سعيدٍ هو أخو يحيى بن سعيدٍ الأنصاريِّ، وقدْ تكلَّمَ بعضُ أهلِ الحديثِ في سعدِ بن سعيدٍ منْ قِبَلِ حفظِه، انتهَى.

قلت: قالَ ابنُ دحيةَ [إنهُ] (٥) قالَ أحمدُ بنُ حنبلٍ (٦): سعد بن سعيد ضعيفُ


(١) (٣/ ١٣٢ - ١٣٣).
(٢) زيادة من (أ).
(٣) هو علي بن عبد الكافي السبكي الشافعي (تقي الدين، أبو الحسن) عالم مشارك في الفقه والتفسير والأصلين والمنطق والقراءات، والحديث والخلاف والأدب والنحو واللغة والحكمة. ولد بسبك العبيد من أعمال المنوفية بمصر في صفر، سنة ٦٨٣ هـ، وتوفي سنة (٧٥٦ هـ).
[معجم المؤلفين (٢/ ٤٦١ رقم الترجمة ٩٦٣٨)، و"شذرات الذهب" (٦/ ١٨٠ - ١٨١)، و"النجوم الزاهرة" (١٠/ ٣١٨ - ٣١٩).
(٤) في "السنن" (٣/ ١٣٢ - ١٣٣).
(٥) زيادة من: (ب).
(٦) في "بحر الدم فيمن تكلم فيهم الإمام أحمد بمدح أو ذم" (ص ١٦٨ رقم ٣٤٤).