للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

منْ حديثِ بشرٍ بن سحيمٍ، وأصحابُ السننِ (١) منْ حديثِ عقبةَ بن عامرٍ، والبزارُ (٢) منْ حديثِ ابن عمرَ: "أيامُ التشريقِ أيامُ أكلٍ وشربٍ وصلاةٍ فلا يصومُها أحدٌ"، وأخرجَ أبو داودَ (٣) منْ حديثِ عمرَ في قصتِه: "أنهُ - صلى الله عليه وسلم - كان يأمرُهم بإفطارِها ويَنهاهُمْ عنْ صيامِها"، أي: أيامِ التشريقِ. وأخرجَ الدارقطنيُّ (٤) منْ حديثِ عبدِ اللَّهِ بن حذافةَ السَّهْمِيِّ: "أيامُ التشريقِ أيامُ أكلٍ وشربٍ وبُعَالٍ" البُعالُ: مواقعةُ النساءِ.

والحديثُ وما سقْناهُ في معناهُ دالٌ على النَّهي عنْ صومِ أيامِ التشريقِ، وإنَّما اختُلِفَ هلْ هوَ نَهْيُ تحريمٍ أو تنزيهٍ، فذهبَ إلى أنهُ للتحريمِ مُطْلقًا جماعةٌ منَ السلفِ وغيرُهم، وإليهِ ذهبَ الشافعيُّ في المشهورِ (٥)، وهؤلاءِ قالُوا: لا يصومُها المتمتِّعُ ولا غيرُه، وجعلُوه مخصِّصًا لقولِه تعالَى: {ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ} (٦)، لأنَّ الآيةَ عامةٌ فيما قبلَ يومِ النحر وما بعدَه، والحديثُ خاصٌّ بأيام التشريقِ وإنْ كانَ فيهِ عمومٌ بالنظرِ إلى الحاج وغيرِه فَيُرَجَّحُ خصوصُها [لكونه] (٧) مقصودًا بالدلالةِ على أنَّها ليستْ محلًّا للصومِ، وأنَّ ذاتَها باعتبارِ ما هيَ مؤهلةٌ لهُ كأنَّها منافيةٌ للصومِ. وذهبنِ الهادويةُ إلى أنهُ يصومُها المتمتعُ الفاقدُ للهدي لما يفيدُه سياقُ الآية، ولرواية ذلكَ عنْ عليٍّ - عليه السلام - قالُوا: ولا يصومُها القارنُ والمحصِرُ إذا فقدَ الهديَ. وذهبَ آخرونَ إلى أنهُ يصومُها المتمتعُ ومنْ تعذَّرَ عليهِ الهديُ، وهوَ المحصرُ والقارنُ لعمومِ الآيةِ ولما أفادَهُ:


(١) أبو داود (٢٤١٩)، والترمذي (٧٧٣)، والنسائي (٥/ ٢٥٢).
قلت: وأخرجه أحمد (٤/ ١٥٢)، والدارمي (٢/ ٢٣)، والحاكم (١/ ٤٣٤)، والطحاوي في "شرح المعاني" (٢/ ٧١)، والبيهقي (٤/ ٢٩٨)، وهو حديث صحيح.
(٢) عزاه إليه ابن حجر في "التلخيص" (٢/ ١٩٧)، ولم أجده في "كشف الأستار".
(٣) أخرجه أبو داود (٢٤١٨) من حديث عمرو، وهو حديث صحيح.
(٤) في "السنن" (٢/ ١٨٧ رقم ٣٥).
قلت: وأخرجه مالك في "الموطأ" (١/ ٣٧٦) مرسلًا، ووصله أحمد (٣/ ٤٥١) بإسناد صحيح.
(٥) انظر: "المجموع" (٦/ ٤٤٥).
(٦) سورة البقرة: الآية ١٩٦.
(٧) في (أ): "بكونه".