للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

الاكتفاءِ، (وأنْ تعتمرَ خيرٌ لكَ) أي: مِنْ تركَها، والأخيَريةُ في الأجرِ تدلُّ على ندبِها، وأنَّها غيرُ مستويةِ الطرفينِ حتَّى تكونَ منَ المباحِ، والإتيانُ بهذهِ الجملةِ لدفعِ ما يُتَوَّهَمُ أنَّها إذا لم تجبْ تردَّدتْ بينَ الإباحةِ والندبِ بلْ كانَ ظاهرًا في الإباحة، لأنَّها الأصلُ فأبانَ ندبَها (رواهُ أحمدُ، والترمذيُّ) مرفُوعًا، (والراجح وَقْفُهُ) على جابرٍ، فإنهُ الذي سألَهُ الأعرابيُّ وأجابَ عنهُ، وهوَ مما للاجتهادِ فيهِ مسرحٌ (وأخرجه ابن عديٍّ (١) منْ وجهٍ آخرَ)، وذلكَ أنهُ رواهُ منْ طريقِ أبي عصمةَ (٢)، عن ابن المنكدرِ، عنْ جابرٍ. وأبو عصمةَ كذَّبوهُ، (ضعيفٌ)؛ لأنَّ في إسنادِه أبا عصمة، وفي إسناده [عندَ] أحمدَ، والترمذيِّ أيضًا الحجاج بنُ أرطاةَ (٣) وهو ضعيفٌ.

وقدْ رَوَى ابنُ عديٍّ (٤)، والبيهقيِّ (٥) منْ حديثِ عطاءٍ عنْ جابرٍ: "الحجٌّ والعمرةُ فريضتانِ" سيأتي بما فيه (٦). والقولُ بأنَّ حديثَ جابرٍ المذكورَ صحَّحَهُ التِّرمذيُّ مردودٌ بما في الإمامِ أنَّ الترمذيَّ لمْ يزدْ على قولِه حَسَنٌ في جميعِ الرواياتِ عنهُ، وأفرطَ ابنُ حزمٍ (٧) فقالَ: إنهُ مكذوبٌ باطلٌ. وفي البابِ أحاديثُ لا تقومُ بها حجةٌ. ونقلَ الترمذيُّ (٨) عن الشافعيِّ أنهُ قالَ: ليسَ في العمرةِ شيءٌ ثابتٌ، إنَّها تطوُّعٌ، وفي إيجابِها أحاديثُ لا تقومُ بها الحجةُ كحديثِ عائشةَ الماضي وكالحديثِ:


(١) في "الكامل" (٧/ ٢٥٠٧) وإسناده ضعيف جدًّا.
(٢) قال عنه أحمد: لم يكن بذاك في الحديث، وكان شديدًا على الجهمية. وقال مسلم وغيره: متروك الحديث، وقال الحاكم: وضع أبو عصمة حديث فضائل القرآن الطويل.
وقال البخاري: منكر الحديث. وقال ابن عدي: عامة ما يرويه لا يتابع عليه، وهو مع ضعفه يكتب حديثه.
[الميزان (٤/ ٢٧٩ رقم ٩١٤٣)، و "الكامل" لابن عدي (٧/ ٢٥٠٥ - ٢٥٠٨)].
(٣) تقدَّم الكلام عليه قريبًا.
(٤) في "الكامل" (٤/ ١٤٦٨) وقال: وهذه الأحاديث، عن ابن لهيعة، عن عطاء غير محفوظة.
(٥) في "السنن الكبرى" (٤/ ٣٥٠).
(٦) وهو الحديث الآتي برقم (٤/ ٦٦٨) من كتابنا هذا.
(٧) في كتابه "المحلَّى" (٧/ ٣٧).
(٨) في "السنن" (٣/ ٢٧١).