للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وفي آخرَ: "فوقَ ثلاثٍ"، وفي آخَرَ: "مسيرةَ يومينِ"، وفي آخرَ: "ثلاثةَ أميالٍ"، وفي لفظٍ: "بريدَ"، وفي آخرَ: "ثلاثةَ أيامٍ".

[ثم] (١) قال النوويُّ (٢): ليسَ المرادُ من التحديدِ ظَاهِرُهُ، بل كلُّ مَا يُسمَّى سَفَرًا، فالمرأةُ مَنهيَّةٌ عنهُ إلَّا بالمَحرَمِ، وإنّما وَقَعَ التحديدُ عنْ أمرٍ واقعٍ فلا يعملُ بمفهومِه. وللعلماءِ تفصيلٌ في ذلكَ قالُوا: [فيجوز] (٣) سفرُ المرأةِ وحدَها في الهجرةِ منْ دارِ الحربِ، والمخافةِ على نفسِها، ولقضاءِ الدَّيْنِ، وردِّ الوديعةِ، والرجوعِ منَ النشوزِ، وهذا مجمعٌ عليه. واختلفُوا في سفرِ الحجِّ الواجبِ، فذهبَ الجمهورُ إلى أنهُ لا يجوزُ للشابة إلَّا معَ مَحْرَمٍ، ونقلَ [الكرابيسي] (٤) قولًا عن الشافعيِّ أنَّها تسافرُ وحدَها إذا كانَ الطريقُ آمَنًا، ولم ينهضْ دليلُه على ذلكَ. قالَ ابنُ دقيق العيد: إنَّ قولَه تعالَى: {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ} (٥) عمومٌ شاملٌ للرجالِ والنساءِ، وقولُه: "لا تسافرُ المرأةُ إلا معَ ذي مَحْرَمٍ" (٦) عمومٌ لكلِّ أنواعِ السفرِ، فتعارضَ العمومان. [وأجيبَ] (٧) بأنَّ أحاديثَ: لا تسافرُ المرأةُ للحجِّ إلا معَ ذي مَحْرَمٍ، مخصِّصٌ لعمومِ الآيةِ، ثمَّ الحديثُ عامٌّ للشابةِ والعجوزِ.

وقالَ جماعةٌ من الأئمةِ: يجوزُ للعجوزِ السفرُ منْ غيرِ مَحرمٍ، وكأنَّهم نَظَرُوا إلى المعنَى، فخصَّصُوا بهِ العمومَ، وقيلَ: لا يُخَصَّصُ بل العجوزُ كالشابةِ. وهلْ تقومُ النساءُ الثقاتُ مقامَ المَحْرَمِ للمرأةِ؟ فأجازَهُ البعضُ مستدلًّا بأفعالِ الصحابةِ، ولا [تنهضُ] (٨) حجةٌ على ذلكَ لأنهُ ليسَ بإجماعٍ، وقيلَ: يجوزُ لها السفرُ إذا


= وفي رواية أخرجها مسلم (٤١٧/ ٨٢٧): "لا تسافر المرأة ثلاثًا إلا مع ذي محرم".
وفي رواية أخرجها مسلم (٢/ ٩٧٦): " … أكثرَ مِن ثلاثٍ إلا مع ذي محرم".
• وأخرج مسلم (٤٢٣/ ١٣٤٠) و (٢/ ٩٧٧)، والترمذي (١١٦٩) وقال: حديث حسن صحيح، وأبو داود (١٧٢٦)، وابن ماجه (٢٨٩٨) عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر، أن تسافر سفرًا يكون ثلاثة أيام فصاعدًا إلا ومعها أبوها، أو ابنها، أو زوجها، أو أخوها، أو ذو محرم منها".
(١) زيادة من النسخة (أ).
(٢) في "شرح صحيح مسلم" (٩/ ١٠٣).
(٣) في النسخة (ب): "يجوز".
(٤) زيادة من النسخة (أ).
(٥) سورة آل عمران: الآية ٩٧.
(٦) تقدم تخريجه قريبًا.
(٧) في النسخة (ب): "ويجاب".
(٨) في النسخة (أ): "ينهض".