للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

الدالِ، رواهُ المحدِّثونَ، وأنكرهُ المحققونَ من أهلِ العربيةِ، وقالُوا: صوابُه ضمُّها لأنهُ القاعدةُ في تحريكِ [الساكن] (١) إذا كانَ بَعدهُ ضميرُ المذكرِ الغائبِ على الأصحِّ. وقالَ النوويُّ في شرحِ مسلمٍ (٢): في "ردّهِ" ونحوِه للمذكرِ ثلاثةُ أوجهٍ أوضحُها الضمُّ، والثاني الكسرُ وهوَ ضعيفٌ، والثالثُ الفتحُ وهو أضعفُ منهُ، بخلافِ ما إذا اتصلَ بهِ ضميرُ المؤنثِ نحوَ ردَّها؛ فإنهُ بالفتحِ (عليكَ إلا أنَّا حُرُمٌ) بضمِّ الحاءِ والراءِ أي مُحرمونَ (متفقٌ عليْهِ) (٣).

دلَّ على أنهُ لا يحلُ لحمُ الصيدِ للمحرمِ مطلقًا، لأنهُ - صلى الله عليه وسلم - علَّلَ ردَّه بكونه

محرمًا، ولم يستفصلْ هلْ صاده لأجله - صلى الله عليه وسلم - أوْ لا؛ فدلَّ على التحريمِ مطلقًا.

وأجابَ مَنْ جوَّزَه بأنهُ محمولٌ على أنهُ صِيْدَ لأجلِهِ - صلى الله عليه وسلم - فيكونُ جمْعًا بينَه وبينَ حديثِ أبي قتادة الماضي (٤). والجمعُ بينَ الأحاديثِ إذا أمكنَ أوْلَى منِ اطراحِ بعضِها. وقدْ دلَّ لهذا بأن في حديثِ أبي قتادةَ الماضي عندَ أحمدَ (٥)، وابنِ ماجه (٦) بإسنادٍ جيدٍ: "إنَّما صدْتُهُ لهُ، وأنهُ أمرَ أصحابَهُ يأكلونَ ولم يأكلْ منهُ حينَ أخبرْتُه أني اصْطَدْتُهُ لهُ". قالَ أبو بكرٍ النيسابوريُّ: قولُه اصطدتُه لكَ، وأنهُ لم [يأكل منهُ] (٧) لا أعلمُ أحدًا قالهُ في هذا الحديثِ غيرَ معمرٍ.

قلتُ: معمرٌ ثقةٌ لا يضرُّ تفردُه ويشهدُ للزيادةِ حديثُ جابرٍ (٨) الذي قدَّمناهُ.

وفي الحديثِ دليلٌ على أنهُ ينبغي قبولُ الهديةِ، وإبانةُ المانعِ من قبولِها إذا ردَّها.

واعلمْ أنَّ ألفاظَ الرواياتِ اختلفَتْ فقالَ الشافعيُّ (٩): إنْ كانَ الصَّعبُ أهدَى النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - الحمارَ حيًّا فليسَ للمحرِمِ ذبحُ حمارٍ وحشي، وإنْ كانَ أَهْدَى لحمَ حمارٍ فيحتملُ أنهُ - صلى الله عليه وسلم - قدْ فَهِمَ أنهُ صاده لأجلِه، وأما روايةُ: "أنه - صلى الله عليه وسلم - أكلَ منه" التي أخرجَها البيهقيُّ (١٠)


(١) في النسخة (أ): "الساكنين".
(٢) (٨/ ١٠٤).
(٣) هنا زيادة من النسخة (أ): "وقال".
(٤) برقم (٧/ ٦٨٧) من كتابنا هذا.
(٥) في "المسند" (٥/ ١٨٢).
(٦) في "السنن" (٣٠٩٣).
(٧) في النسخة (أ): "يأكله".
(٨) وهو حديث ضعيف تقدَّم تخريجه أثناء شرح الحديث رقم (٧/ ٦٨٧) من كتابنا هذا.
(٩) ذكره البيهقي في "المعرفة" (٧/ ٤٣٠ رقم ١٠٥٨٥).
(١٠) في "السنن الكبرى" (٥/ ١٩٣) وقال: هذا إسناد صحيح. وقد تعقَّبه ابن التركماني في =