للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

(وعنِ ابن عباسٍ - رضي الله عنهما - أن النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - احتجمَ وهوَ مُحرِمٌ)؛ وذلكَ في حجةِ الوداعِ بمحلٍّ يقالُ لهُ لُحَى، جَبَلٌ بينَ مكةَ والمدينةِ (متفقٌ عليه). دلَّ على جوازِ الحجامةِ للمُحرمِ، وهوَ إجماعٌ في الرأسِ وغيرِه إذا كانَ لحاجةٍ، فإنْ قطع منَ الشعرِ شيئًا كانَ عليهِ فديةُ الحلقِ، وإنْ لم يقطع فلا فديةَ عليهِ.

وإنْ كانتِ الحجامةُ لغيرِ عُذْرٍ، فإنْ كانتْ في الرأسِ حَرُمَتْ إنْ قُطِعَ معَها شعرٌ لحرمةِ قطعِ الشعرِ، وإنْ كانتْ في موضعٍ لا شعْرَ فيهِ فهيَ جائزةٌ عندَ الجمهورِ ولا فديةَ، وكرهَهَا قومٌ. وقيلَ: تجبُ فيها الفديةُ. وقدْ نبَّهَ الحديثُ على قاعدة شرعيةٍ، وهيَ أنَّ محرماتِ الإحرامِ منَ الحلقِ وقتلِ الصيدِ ونحوهما تباحُ للحاجةِ وعليه الفديةُ، فمنِ احتاجَ إلى حلقِ رأسِه، أو لبسِ قميصِه مثلًا لحرٍّ، أو بردٍ، أُبيحَ لهُ ذلكَ ولزمْته الفديةُ، وعليهِ دلَّ قولُه تعالى: {فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ بِهِ أَذًى مِنْ رَأْسِهِ} (١) الآية. [وقد] (٢) بيَّنَ قَدْرَ الفديةِ الحديثُ:

١١/ ٦٩١ - وَعَنْ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ - رضي الله عنه - قَالَ: حُمِلْتُ إلَى رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - وَالْقُمَّلُ يَتَنَاثَرُ عَلَى وَجْهِي، فَقَالَ: "مَا كنْتُ أُرَى الْوَجَعَ بَلَغَ بِكَ مَا أَرَى، أتجِدُ شَاةً؟ " قُلْتُ: لَا، قَالَ: "فَصُمْ ثَلَاثَةَ أيَّامٍ، أَوْ أَطْعِمْ سِتَّةَ مَسَاكِينَ، لِكُلِّ مِسْكِينٍ نِصْفُ صَاعٍ"، مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ (٣). [صحيح]

وهو قولُه: (وعنْ كعبِ بن عجرةَ) (٤) بضمِّ [المهملة] (٥)، وسكون الجيمِ، وبالراءِ، وكعبٌ صحابيٌّ جليلٌ حليفُ الأنصاري، نزلَ الكوفَةَ، وماتَ بالمدينةِ سنةَ إحدى وخمسينَ. (قالَ: حُمِلْتُ) مغيرُ الصيغةِ (إلى رسولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - والقملُ يتناثرُ على وجهي فقالَ: ما كنتُ أْرَى) بضمِّ الهمزةِ، أي أظنُّ (الوجعَ بلغَ بكَ ما أرَى) بفتحِ


(١) سورة البقرة: الآية ١٩٦.
(٢) في النسخة (ب): "و".
(٣) البخاري (١٨١٦)، ومسلم (٨٥/ ١٢٠١).
قلت: وأخرجه أبو داود (١٨٥٦)، والترمذي (٩٥٣)، والنسائي (٥/ ١٩٤ - ١٩٥)، ومالك (١/ ٤١٧ رقم ٢٣٨).
(٤) انظر ترجمته في: "تاريخ البخاري" (٧/ ٢٢٠)، و "الجرح والتعديل" (٧/ ١٦٠)، و "أسد الغابة" (٤/ ٢٤١)، و "تهذيب التهذيب" (٨/ ٣٩٠)، و "شذرات الذهب" (١/ ٥٨)، و "الإصابة" (٣/ ٢٩٧ رقم ٧٤١٩).
(٥) في النسخة (أ): "العين".