للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

الأشواطَ كلَّها إلَّا الإبقاءَ عليهمْ"، أخرجهُ الشيخانِ (١). وفي لفظِ مسلمٍ (٢): "أن المشركينَ جلسُوا مما يلي الحجرَ، وأنَّهم حينَ رأَوْهم يرمُلونَ قالُوا: هؤلاءِ الذينَ زعمتم أنَّ الحمَّى وهنَتهم، إنَّهم لأجلدُ منْ كذَا وكذَا"، وفي لفظٍ لغيرِه (٣): "إنْ همْ إلَّا كالغِزلانِ"؛ فكانَ هذا أصلَ الرملِ، وسببُهُ إغاظةُ المشركينَ وردُّ قولِهم، وكانَ هذَا في عمرةِ [القضاءِ] (٤)، ثمَّ صارَ سنَّةً ففعلَه في حجةِ الوداعِ معَ زوالِ سببهِ، وإسلامِ منْ في مكةَ، وإنَّما لم يرمُلُوا بَينَ الرّكْنيْنِ لأنَّ المشركينَ كَانوا مِنْ ناحِيَةِ الحَجرِ عندَ قُعَيْقِعَانَ (٥) فَلم يَكُونُوا يَرَوْنَ مِنْ بينَ الركنينِ. وفيهِ دليل على أنهُ لا بأسَ بقصدِ إغاظةِ الأعداءِ بالعبادةِ، وأنهُ لا ينافي إخلاصَ العملِ بل هُوَ إضافةُ طاعةٍ إلى طاعةٍ، وقدْ قالَ تعالى: {وَلَا يَنَالُونَ مِنْ عَدُوٍّ نَيْلًا إِلَّا كُتِبَ لَهُمْ بِهِ عَمَلٌ صَالِحٌ} (٦).

٩/ ٧٠٣ - وَعَنْهُ - رضي الله عنهما - قَالَ: لَمْ أَرَ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَسْتَلِمُ مِنَ الْبَيْتِ غَيْرَ الرُّكْنَيْنِ الْيَمَانِيَّيْنِ. رَوَاهُ مُسْلِمٌ (٧). [صحيح]

(وعنهُ) أي: ابن عباسٍ (قالَ: لمْ أرَ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - يستلمُ منَ البيتِ غيرَ الركنينِ اليمانيينِ. رواهُ مسلمٌ). اعلمْ أن للبيتِ أربعةَ أركانٍ: الركنُ الأسودُ، ثمَّ اليماني، ويقالُ لهما: اليمانيانِ، بتخفيفِ الياءِ، وقدْ تُشَدَّدُ، وإنَّما قيلَ لهما اليمانيانِ تغليبًا، كالأبوينِ، والقمرينِ، والركنانِ الآخرانِ يقالُ لهما: الشاميانِ، وفي الركنِ الأسودِ فضيلتانِ: أحدهما كونُه على قواعدِ إبراهيمَ - عليه السلام -، والثانيةُ [كونُه في] (٨) الحجر.

وأما اليماني ففيه فضيلة كونه على قواعد إبراهيم، وأما الشاميانِ فليس


(١) البخاري (١٥٢٥ - البغا)، ومسلم (١٢٦٤).
(٢) في "صحيحه" (٢٤٠/ ١٢٦٦).
(٣) وهي لأبي داود في سننه (١٨٨٩)، وهو حديث صحيح.
(٤) في النسخة (أ): "القضية".
(٥) جبل مشهور بمكة.
(٦) سورة التوبة: الآية ١٢٠.
(٧) • أخرجه مسلم رقم (٢٤٧/ ١٢٦٩)، والبخاري رقم (١٦٠٨)، والترمذي رقم (٨٥٨) من حديث ابن عباس كما في مخطوطات سبل السلام.
• وأخرجه مسلم رقم (٢٤٢/ ١٢٦٧)، والبخاري رقم (١٦٠٩)، وأبو داود رقم (١٨٧٤)، وابن ماجه رقم (٢٩٤٦) من حديث ابن عمر كما يفيد كلام ابن حجر في البلوغ.
(٨) زيادة من النسخة (أ).