للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

الثاني: لا يجوزُ إلَّا بعدَ الفجرِ مطلقًا، وهوَ قولُ أبي حنيفةَ.

الثالثُ: لا جوزُ للقادرِ إلَّا بعدَ طلوعِ الفجرِ ولمنْ له عذرٌ بعدَ نصفِ الليلِ، وهوَ قولُ الهادويةِ.

والرابعُ: للثوريِّ والنخعيِّ أنهُ منْ بعدِ طلوعِ الشمسِ للقادرِ، وهذَا أقْوى الأقوالِ دليلًا وأرجحُها قيلًا.

١٧/ ٧١١ - وعَنْ عَائِشَةَ - رضي الله عنها - قَالَتْ: أَرْسَلَ النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - بِأُمِّ سَلَمَةَ لَيْلَةَ النَّحْرِ، فَرَمَت الْجَمَرَةَ قَبْلَ الْفَجْرِ، ثُمَّ مَضَتْ فَأَفَاضَتْ. رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ (١)، وَإِسْنَادُهُ عَلَى شَرْطِ مُسْلِمٌ. [ضعيف]

(وعنْ عائشةَ - رضي الله عنها - قالتْ: أرسلَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - بأمِّ سلمةَ ليلةَ النحرِ، فرمتِ الجمرةَ قبلَ الفجرِ، ثمَّ مضتْ فأفاضتْ. رواهُ أبو داودَ وإسنادُه على شرطِ مسلمٍ).

الحديثُ دليلٌ على جوازِ الرمي قبلَ الفجرِ، لأنَّ الظاهرَ أنهُ لا يخْفى عليه - صلى الله عليه وسلم - ذلكَ فقرَّرَهُ، وقدْ عارضَه حديثُ ابن عباسٍ، وجُمِعَ بينَهما [بأنهُ لا يجوزُ] (٢) الرميُ قبلَ الفجرِ لمنْ لهُ عذْرٌ، وكانَ ابنُ عباسٍ لا عذرَ لهُ، وهذَا قولُ الهادويةِ فإنّهم يقولونَ: لا يجوزُ الرميُ للقادرِ إلَّا بعدَ الفجرِ، ويجوزُ لغيرِه منْ بعدِ نصفِ الليلِ، إلَّا أنَّهم أجازُوا للقادرِ قبلَ طلوعِ الشمسِ. وقدْ ذهبَ الشافعيُّ إلى جوازِ الرمي منْ بعدِ نصفِ الليلِ للقادرِ والعاجزِ. وقالَ آخرونَ: إنهُ [لا رَمْيَ إلَّا] (٣) منْ بعدِ طلوعِ الشمسِ للقادرِ، وهوَ الذي يدلُّ لهُ فعلُه - صلى الله عليه وسلم -. وقولُه في حديثِ ابن عباسٍ المتقدمِ قريبًا (٤)، وهوَ وإنْ كانَ فيهِ انقطاعٌ فقدْ عضَّدَه فعلُه معَ قولِه: "خُذُوا عني" (٥) الحديثَ. وقدْ تقدَّمتْ أقوالُ العلماءِ في ذلكَ.


(١) في "السنن" (١٩٤٢).
قلت: وأخرجه النسائي (٥/ ٢٧٢)، ولم يسم المرأة. وهو حديث ضعيف.
(٢) في النسخة (أ): "بجواز".
(٣) زيادة من النسخة (ب).
(٤) برقم (١٦/ ٧١٠) من كتابنا هذا، وهو حديث صحيح.
(٥) تقدَّم تخريجه مرارًا.