للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

السننِ (١) منْ حديثِ إياس بن عبدٍ، وصحَّحه الترمذيُّ، وقالَ أبو الفتحِ القشيريِّ: هوَ عَلَى شرطِهما، والحديثُ دليل على أنهُ لا يجوزُ بيعُ ما فَضُلَ منَ الماءِ عنْ كفايةِ صاحبهِ. قالَ العلماءُ: وصورةُ ذلكَ أنْ ينبعَ في أرضِ صاحبه ماءٌ فيسقي الأعلى، ثمَّ يفضلُ عنْ كفايتهِ فليسَ لهُ المنعُ، وكذَا إذا اتخذَ حفرةً في أرضٍ مملوكةٍ يُجْمَعُ فيها الماءُ، أو حفرَ بئرًا فيسقي منهُ، ويسقي أرضَه فليسَ لهُ منعُ ما فَضُلَ. وظاهرُ الحديثِ يدلُّ على أنهُ يجبُ عليهِ بذلُ ما فَضُلَ عنْ كفايتهِ لشربٍ، أو طَهُورٍ، أو سقي زرعٍ، وسواءٌ كانَ في أرضٍ مباحةً أو مملوكةٍ. وقدْ ذهبَ إلى هذا العموم ابنُ القيمٍ في الهدي (٢)، وقالَ: إنهُ يجوزُ دخولُ الأرضِ المملوكةِ لأخْذِ الماءِ والكلأ لأنَّ لهُ حقًّا في ذلكَ ولا يمنعُه استعمالُ ملكِ الغيرِ، وقالَ: إنهُ نصَّ أحمدُ على جوازِ الرعي في أرضٍ غيرِ مباحةٍ للراعي، وإلى مثلهِ ذهبَ المنصورُ باللَّهِ، والإمامُ يحيى في الحطَبِ والحشيشِ (٣). ثمَّ قالَ: إنهُ لا فائدةَ لإذنِ صاحبِ الأرضِ، لأنهُ ليسَ لهُ منعُه منَ الدخولِ بلْ يجبُ عليهِ تمكينُه، ويحرمُ عليهِ منعهُ فلا يتوقفُ دخولهُ علَى الإذنِ، وإنَّما يحتاجُ إلى الإذنِ في الدخولِ في الدار إذا كانَ فيها سَكَنٌ لوجوبِ الاستئذانِ، [وأما] (٤) إذا لم يكنْ فيها سَكَنٌ فقدْ قالَ تعالى: {لَّيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَن تَدْخُلُوأ بُيُوتًا غَيْرَ مَسْكُونَةٍ فِيهَا مَتَعٌ لَّكُمْ} (٥). ومن احتفرَ بئْرًا أو نَهَرًا فهوَ أحقُّ بمائهِ، ولا يمنعُ الفضلةَ عنْ غيره سواءٌ قلْنا: إنَّ الماءَ حقٌّ للحافرِ لا ملكٌ كما هوَ قولُ جماعةٍ منَ العلماءِ، أو قلْنا هوَ ملْكٌ، فإنْ عَليه بذلَ الفضلةِ لغيرهِ لما أخرجَهُ أبو داودَ (٦): (أنهُ [قال رجلٌ: يا نبيَّ اللَّهِ، ما الشيءُ الذي لا يحلُّ منعهُ؟ قالَ: الماءُ] (٧)، قالَ: يا نبيَّ اللَّهِ، ما


(١) أبو داود (٣٤٧٨)، والترمذي (١٢٧١) وقال: حديث حسن صحيح، والنسائي (٤٦٦٢)، وابن ماجه (٢٤٧٦)، وأحمد (٣/ ٤١٧)، (٤/ ١٣٨) وصحَّحه الألباني في صحيح أبي داود (٢/ ٦٥٥) رقم (٢٩٦٩).
(٢) (زاد المعاد في هدي خير العباد) (٥/ ٨٠٤).
(٣) انظر: (البحر الزخار) (٣/ ٣٢٦).
(٤) في (أ): (فأمَّا).
(٥) سورة النور: الآية (٢٩).
(٦) في سننه (٣٤٧٦)، وضعَّفه الألباني في (ضعيف أبي داود) ص (٣٤٦) رقم (٧٥٢).
(٧) زيادة ليست في (أ) وهي في (السنن) وفي (ب).