للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وفي روايةٍ: (حتَّى يأذن)، والنَّهْيُ يدلُّ على تحريمِ ذلكَ. وقدْ أجمعَ العلماءُ (١) على [تحريم ذلك] (٢) إذا كانَ قدْ صرَّحَ بالإجابةِ ولم يأذَنْ ولم يتركْ، فإنْ تزوجَ والحالُ هذهِ عَصَى اتفاقًا، وصحَّ عندَ الجمهورِ. وقالَ داودُ (٣): يُفْسَخُ النكاحُ، ونعمَ ما قالَ، و [هو] (٤) روايةٌ عنْ مالكٍ (٣)، وإنَّما اشتُرطَ التصريحُ بالإجابةِ، وإنْ كانَ النَّهيُ مطلقًا لحديثِ (٥) فاطمةُ بنتِ قيسٍ فإنَّها قالتْ: خطبني أبو جهمٍ ومعاويةُ فلم ينكرْ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - خِطْبةَ بعضِهم على بعضٍ بلْ خطَبها معَ ذلكَ لأسامةَ، والقولَ بأنهُ يحتملُ أنهُ لم يعلمْ أحدُهما بخطبةِ الآخرِ، وأنهُ - صلى الله عليه وسلم - أشارَ بأسامةَ لا أنهُ خطبَ خلافُ الظاهرِ. وقولُه: أخيهِ أي في الدينِ، ومفهومُه أنهُ لو كانَ غيرَ أخٍ كانْ يكونَ كافرًا فلا يحرُمُ، وهوَ حيثُ تكونُ المرأةُ كتابيةً، وكان يستجيزُ نكاحَها، وبهِ قالَ الأوزاعيُّ. وقالَ غيرُه أيضًا: تَحْرُمُ على خطبةِ الكافرِ. والحديثُ خرجَ التقيدُ فيهِ مَخْرَجَ الغالبِ فلا اعتبارَ [بمفهومه] (٦).

الخامسةُ: قولُه: ولا تسألُ المرأةُ، يُرَوْى (٧) مرفوعًا ومجزومًا، وعليهِ بكسرِ اللامِ لالتقاءِ الساكنينِ، والمرأدُ أن المرأةَ الأجنبيةَ لا تسألُ الرجلَ أنْ يطلِّقَ امرأتَه وينكحَها ويصيرَ ما هوَ لها منَ النفقةِ والعشرةِ لها، وعبَّرَ عنْ ذلكَ بالإكفاءِ لما في الصحفةِ من بابِ التمثيلِ، كأنَّ مَا ذكَرَ لما كان معدًا للزوجة فهو في حكمِ مَا قد جمعتهُ في الصحفةِ لتنتفعَ بهِ، فإذا ذهبَ عنْها فكأنَّما قدْ كفِئتِ الصحفةَ، وخرجَ ذلكَ عنْها فعبَّرَ عنْ ذلكَ المجموعِ المركبِ بالمركبِ [المذكورِ] (٨) للشَّبَهِ بينَهما.


(١) انظر: (موسوعة الإجماع) (٢/ ١٠٦٣).
(٢) في (ب): (تحريمها).
(٣) انظر (فتح الباري) (٩/ ٢٠٠) وكتاب: (الإمام داود الظاهري وأثره في الفقه الإسلامي) ص (٦٤٤).
(٤) في (ب): (هي).
(٥) أخرجه مسلم في (صحيحه) (١٤٨٠)، وسيأتي تخريجه رقم (٢/ ٩٤٢) من كتابنا هذا.
(٦) في (ب): (لمفهومه).
(٧) يضبط مرفوعًا: (ولا تسألُ المرأةُ)، ويضبط مجزومًا: (ولا تسألِ المرأةُ).
(٨) زيادة من (ب).