للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

بشرائهِ، وباعَ كذلكَ، لأنهُ - صلى الله عليه وسلم - أعطاهُ دينارًا لشراءِ أضحيةٍ فلو وقفَ على الأمرِ لشَرَى ببعضِ الدينارِ الأضحيةَ، وردَّ البعضَ. وهذا الذي فعله هو الذي تسمِّيهِ الفقهاءُ العقدَ الموقوفَ الذي ينفذُ بالإجازةِ. وقد وقعتْ هنا، وللعلماءِ فيه خمسةُ أقوالٍ:

الأولُ: أنهُ يصحُّ العقد الموقوفُ، وذهبَ إلى هذا جماعةٌ منَ السلفِ والهادويةُ (١)، عملًا بالحديثِ.

الثاني: أنه لا يصحُّ، وإليهِ ذهبَ الشافعيُّ (٢)، وقالَ: إنَّ الإجازةَ لا تصحِّحُه محتجًّا بحديثِ: "لا تبعْ ما ليسَ عندَك". أخرجهُ أبو داودَ (٣)، والترمذيُّ (٤)، والنسائيُّ (٥)، وهوَ شامل للمعدومِ وملكِ الغيرِ، وتردَّدَ الشافعيُّ (٦) في صحةِ حديثِ عروةَ، وعلَّقَ القولَ بهِ على صحتهِ.

والثالثُ: التفصيلُ لأبي حنيفة (٧) [فقال] (٨): يجوزُ البيعُ لا الشراءُ، وكأنهُ فرَّقَ بينهما بأنَّ البيعَ إخراجٌ عن مُلْكِ المالكِ، وللمالكِ حقٌّ في استبقاءِ مُلْكِهِ، فإذا أجازَ فقدْ أسقطَ حقَّه بخلافِ الشراءِ فإنهُ إثباتُ [ملكٍ] (٩)، فلا بدَّ منْ تولِّي المالكِ لذلكَ.

والرابع: لمالكٍ (١٠)، وهوَ عكسُ ما قالهُ أبو حنيفةَ، وكأنهُ أرادَ الجمعَ بينَ


(١) انظر: "البحر الزخار" (٣/ ٣٢٩).
(٢) انظر: "السنن الكبرى" للبيهقي (٦/ ١١٣).
(٣) في "سننه" (٣٥٠٣).
(٤) في "سننه" (١٢٣٢، ١٢٣٣) وحسَّنه.
(٥) في "سننه" (٤٦١٣).
قلت: وأخرجه ابن ماجه (٢١٨٧)، وأحمد (٣/ ٤٠١، ٤٠٣)، وابن الجارود (٢/ ١٨٢ رقم ٦٠٢)، والبيهقي (٥/ ٢٦٧، ٣١٧، ٣٣٩) من حديث حكيم بن حزام - رضي الله عنه -، وهو حديث صحيح، وقد صحّحه الألباني في "الإرواء" (٥/ ١٣٢ رقم ١٢٩٢).
(٦) انظر: "السنن الكبرى" للبيهقي (٦/ ١١٣).
(٧) انظر: "حاشية رد المحتار" (٤/ ٥٠٥).
(٨) في (أ): "وقال".
(٩) في (أ): "مالك".
(١٠) انظر: "بداية المجتهد" (٤/ ١٠٨) بتحقيقنا، وقد ساوى فيه - عند مالك - بين البيع والشراء بثمن المثل بنقد البلد جوازًا، وأيضًا في عدم الجواز إن باع نسيئة أو بغير نقد البلد أو بغير ثمن المثل.