للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

الرجلَ سهلَ البيعِ سهلَ الشراءِ. [وذهبتِ] (١) الجماهيرُ منَ العلماءِ إلى عدمِ ثبوتِ الخيارِ بالغبنِ لعمومِ أدلةِ البيعِ ونفوذِه منْ غيرِ تفرقةٍ بينَ الغبْنِ أو لا.

قالُوا: وحديثُ البابِ إنَّما كانَ الخيارُ فيهِ لضعفِ عقلِ ذلكَ الرجلِ، إلَّا أنهُ ضَعْفٌ لم يَخْرج بهِ عنْ حدِّ التمييزِ، فتصرُّفُه كتصرُّفِ الصبيِّ المأذونِ لهُ يثبتُ له الخيارُ معَ الغبنِ.

قلتُ: ويدلُّ لضعفِ عقلِه ما أخرجَه أحمدُ (٢)، وأصحابُ (٣) السننِ منْ حديثِ أنس بلفظِ: "إنَّ رجلًا كانَ يبايعُ وكانَ في عقلهِ لما أي: إدراكِه "ضعفٌ"، ولأنهُ لقَّنَهُ - صلى الله عليه وسلم - بقولهِ لا خلابةَ اشتراطُ عدمِ الخداعِ، فكانَ شراؤهُ وبيعُه مشرُوطًا بعدمِ الخداع، فيكون منْ بابِ خيارِ الشرطِ. قالَ ابنُ العربيِّ: إنَّ الخديعةَ في هذهِ القصةِ يحتملُ أن تكونَ في العيبِ، أوْ في الملكِ، أوْ في الثمنِ، أوْ في العينِ فلا يحتجُّ بها في الغبنِ بخصوصِه، وهي قصةٌ خاصةٌ لا عمومَ فيها.

قلتُ: في روايةِ ابن إسحاقَ (٤) أنهُ شَكَا إلى النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - ما يَلْقَى منَ الغبنِ،

وهي تردُّ ما قالَه ابنُ العربيِّ. وقالَ بعضُهم: إنهُ إذا قال الرجلُ البائعُ أو المشتري: لا خلابةَ ثبتَ الخيارُ، وإنْ لم يكنْ فيهِ غبنٌ. وردّ بأنهُ مقيَّدٌ بما في الروايةِ أنه كانَ يغبنُ. وأثبتَ الهادويةُ (٥) الخيارَ بالغبنِ في صورتينِ، الأولى: [فيمن] (٦) تصرَّفَ عن الغيرِ. والثانيةُ: في الصبيِّ المميِّزِ، محتجِّينَ بهذا الحديثِ، وهوَ دليلٌ لهم على الصورةِ الثانيةِ إذا ثبتَ أنهُ كانَ في عقلِه ضعفٌ دونَ الأُولى.

* * *


= قلت: أخرجه الترمذي (١٣١٩) وقال: غريب، والحاكم (٢/ ٥٦) وصحَّحه، ووافقه الذهبي.
قلت: ووافقهما الألباني في "الصحيحة" (٢/ ٥٩٨ رقم ٨٩٩).
(١) في (أ): "وذهب".
(٢) في "المسند" (٣/ ٢١٧).
(٣) أبو داود (٣٥٠١)، والترمذي (١٢٥٠) وقال: حسن صحيح غريب، والنسائي (٤٤٨٥)، وابن ماجه (٢٣٥٤).
وأخرجه: الدارقطني (٣/ ٥٥ رقم ٢١٨، ٢١٩)، وابن الجارود (٢/ ١٥٩ رقم ٥٦٨).
وهو حديث صحيح وقد صحَّحه الألباني في صحيح أبي داود (٢/ ٦٦٩).
(٤) تقدم أنها عند الدارقطني والبيهقي وهي أيضًا من رواية أحمد وابن الجارود والحاكم، وتقدَّم تخريج ذلك.
(٥) انظر: "البحر الزخار" (٣/ ٣٥٤).
(٦) في (ب): "مَنْ".