للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ: "الطَّعَامُ بِالطَّعَام مِثْلًا بِمِثْلٍ، وَكَانَ طَعامَنَا يَوْمَئِذٍ الشَّعِيرُ". رَوَاهُ مُسْلِمٌ (١). [صحيح]

(وعنْ معمرٍ بن عبدِ اللهِ - رضي الله عنه - قالَ: إني كنتُ أسمعُ رسولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يقولُ: الطعامُ بالطعام مِثْلًا بمثلٍ، وكانَ طعامَنَا يومئذٍ الشعيرُ، رواهُ مسلمٌ). ظاهرُ لفظِ الطعامِ أنهُ يشملُ كلَّ مطعوم، ويدُّلُ على أنهُ لا يباعُ متفاضلًا وإن اختلفَ الجنسُ، والظاهرُ أنهُ لا يقولُ أحدٌ بالعمومِ، وإنَّما الخلافُ في البرِّ والشعيرِ كما سيأتي (٢) عَنْ مالكٍ، ولكنَّ معمرًا خصَّ الطعامَ بالشعيرِ، وهذَا منَ التخصيص بالعادةِ الفعليةِ حيثُ لم يغلبِ الاسمُ. وقدْ ذهبَ إلى التخصيصِ بها الحنفيةُ (٣)، والجمهورُ لا يخصِّصونَ بها إلا إذا اقتضتْ غلبةُ الاسمِ، وإلَّا حُمِلَ اللفظُ على العمومِ ولكنهُ مخصوصٌ بما تقدَّمَ منْ قولِه: فإذا اختلفتِ الأصناف فبيعُوا كيفَ شِئْتُمْ بعدَ عَدِّهِ للبُر والشعيرِ، فدلَّ على أنَّهما صنفان، وهوَ قولُ الجماهيرِ. وخالفَ في ذلكَ مالكٌ (٤)، والليثُ، والأوزاعيُّ، فقالُوا: هما صنفٌ واحدٌ لا يجوزُ بيعُ أحدِهما بالآخرِ متفاضلًا، وسبقَهم إلى ذلكَ معمرُ بنُ عبدِ اللهِ راوي الحديثِ، فأخرجَ مسلمٌ (٥) عنهُ أنهُ أرسلَ [غلامَه] (٦) بصاعِ قمحٍ فقالَ: بِعْهُ ثمَّ اشترِ بهِ شعيرًا، فذهبَ الغلامُ فأخذَ صاعًا وزيادةَ بعضِ صاعٍ، فقالَ له معمرٌ: لم فعلتَ ذلكَ؟ انطلقْ فردَّه ولا تأخذ [ن] (٧) إلَّا مِثْلًا بمِثْلٍ، فإني سمعتُ رسولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -، ثمَّ ساقَ هذَا الحديثَ المذكورَ، فقيلَ لهُ: فإنهُ ليسَ مثلَه، فقالَ: إني أَخَافُ أنْ يضارعَ. وظاهرُه أنهُ اجتهادٌ منهُ، ويردُّ عليهمْ ظاهرُ الحديثِ، ونصُّ حديثِ أبي داودَ (٨)، والنسائيِّ (٩) منْ حديثِ عُبادةَ بن الصامتِ قالَ: قالَ رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: "لا بأسَ ببيعِ البرِّ بالشعيرِ، والشعيرُ أكثرُ وهُما يدًا بيدٍ".


(١) في "صحيحه" (٩٣/ ١٥٩٢).
وأخرجه أحمد (٦/ ٤٠٠)، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" (٤/ ٣)، والبيهقي (٥/ ٢٨٣).
(٢) في المخطوط: "تقدم"، والصواب ما أثبتناه من المطبوع.
(٣) انظر: "شرح معاني الآثار" (٤/ ٣).
(٤) انظر: "الموطأ" (٢/ ٦٤٦).
(٥) في صحيحه (٩٣/ ١٥٩٢).
(٦) في (أ): "غلامًا".
(٧) زيادة من (ب).
(٨) في "سننه" (٣٣٤٩).
(٩) في "سننه" (٤٥٦٣)، وأصله في صحيح مسلم (١٥٨٧).