للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

شَرْعًا: بيعٌ موصوفٌ في الذمةِ ببدلٍ [ما] (١)، يُعْطَى عاجلًا، وهوَ مشروعٌ إلَّا عند ابن المسيبِ (٢). واتفقُوا على أنهُ يشترطُ فيهِ ما يُشْتَرَطُ في البيعِ، وعلى تسليمِ رأسِ المالِ في المجلسِ، إلَّا أنهُ أجازَ (٣) مالكٌ تأجيلَ الثمنِ يومًا أو يومينِ، ولا بدَّ منْ أنْ يقدر بأحدِ المقدارينِ كما في الحديثِ، فإنْ كانَ مما لا يُكالُ ولا يُوزَنُ فقالَ المصنفُ رحمه الله في فتحِ الباري (٤): فلا بدَّ فيهِ منْ عددٍ معلومٍ، رواهُ عن ابن بطالٍ، وادَّعَى عليهِ الإجماعَ، وقالَ المصنفُ (٤): أو ذَرْعٍ معلومٍ، فإنَّ العددَ والذَّرْعَ يلحقانِ بالوزْنِ والكيلِ للجامعِ بينَهما، وهوَ ارتفاعُ الجهالةِ بالمقدارِ، واتفقُوا على اشتراطِ تعيينِ الكيلِ فيما يُسَلَّمُ فيهِ بالكيلِ كصاعِ الحجازِ، وقفيزِ العراقِ، وإردبِّ مصرَ. وإذا أُطْلِقَ انصرف إلى الأغلبِ في الجهةِ التي وقعَ فيها عَقدُ السلمِ، واتفقُوا (٥) على أنهُ لا بدَّ منْ معرفةِ صفةِ الشيءِ المسلَّمِ فيهِ صِفةٌ عنْ غيرِه، ولم يتعرضْ لهُ في الحديثِ؛ لأنَّهم كانُوا يعلمونَ بهِ، وظاهرُ الحديثِ أن التأجيلَ شرطٌ في صحة السلَمِ، فإنْ كانَ حالً لم يصحَّ أو كانَ الأجلُ مجهولًا، وإلى هذا (٦) ذهبَ ابنُ عباسٍ وجماعةٌ منَ السلفِ، وذهبَ آخرونَ إلى عدمِ شرطيةِ ذلكَ، وأنَّه يجوزُ السلمُ في الحالِ. والظاهرُ أنهُ لم يقعْ في عصر النبوةِ إلَّا في المؤجلِ، وإلحاقُ الحالِ بالمؤجلِ قياسٌ على ما خالفَ القياسَ [لأن السلم خالف القياس] (٧)؛ إذْ هو بيعٌ معدومٌ وعَقدٌ غَرَرٌ. واختلفُوا (٨) أيضًا في شرطيةِ المكانِ الذي يسلمُ فيهِ فأثبَتهُ جماعةٌ قياسًا على الكيلِ، والوزنِ، والتأجيلِ. وذهبَ آخرونَ إلى عدمِ اشتراطهِ. وفصَّلتِ (٩) الحنفيةُ فقالتْ: إنْ كانَ لحمْلِه مؤونةٌ فيشترطُ، وإلَّا فلا. وقالتِ الشافعيةُ (١٠): إنْ عقدَ حيثُ لا يصلحُ للتسليمِ كالطريقِ فيشترطُ، وإلا فقولانِ. وكلُّ هذهِ التفاصيلِ مُسْتنَدُها العرفُ.


(١) زيادة من (أ).
(٢) انظر: "فتح الباري" (٤/ ٤٢٨).
(٣) انظر: "بداية المجتهد" (٣/ ٣٨٧) بتحقيقنا، وفيه: "فأجاز مالك تأخير اليومين والثلاثة … ".
(٤) (٤/ ٤٣٠).
(٥) لفظ "الفتح": "وأجمعوا … ".
(٦) انظر: تفصيل المسألة في "بداية المجتهد" (٣/ ٣٨٨) بتحقيقنا.
(٧) زيادة من (أ).
(٨) انظر: "فتح الباري" (٤/ ٤٣١).
(٩) انظر: "المبسوط" (١٢/ ١٢٨).
(١٠) انظر: "فتح الباري" (٤/ ٤٣١، ٤٣٢).