للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

(وعنْ أبي هريرةَ - رضي الله عنه - عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم قالَ: مَنْ أخذ [من] (١) أموالِ الناسِ يريدُ أداءَها أدَّى الله عنهُ، ومنْ أخذَها يريدُ إتلافَها أتْلَفَه اللَّهُ. رواه البخاريُّ). التعبيرُ بأخذِ أموالِ الناسِ يشملُ أخذَها بالاستدانةَ، وأخذَها لحفظِها. والمرادُ منْ إرادته التأدية [قضاها] (٢) في الدنيا، وتأديةُ اللَّهِ عنه تشملُ تيسيرُه تعالى لقضائِها في الدنيا، بأنْ يسوقَ إلى المستدينِ ما يقضي دَينَه. وأداؤُها عَنْهُ في الآخرةِ بإرضائِه غريمَهُ بما شاءَ الله تعالى. وقدْ أخرجَ ابنُ ماجه (٣)، وابن حبَّانَ (٤)، والحاكمُ (٥) مرفوعًا: "ما من مسلمٍ يدانُ دينًا يعلمُ اللَّهُ أنهُ يريدُ أداءَه، إلا أدَّاهُ اللَّهُ عنهُ في الدنيا والآخرةِ". وقولُه: "يريدُ إتلافُها" الظاهرُ أنهُ مَنْ يأخذُها بالاستدانةِ مَثَلًا لا لحاجةٍ ولا لتجارةٍ، بلْ لا يريدُ إلا إتلافَ ما أخذه على صاحبهِ، ولا ينوي [قضاءَها] (٦). وقولُه: "أتلَفه اللَّهُ"، الظاهرُ إتلافُ الشخصِ نفسَهُ في الدنيا بإهلاكهِ، وهوَ يشملُ ذلكَ، ويشملُ إتلافَ طيِّبِ عيشهِ، وتضييقِ أمورِه، وتعسُّرِ مطالبِه، ومحقِ بركتهِ، ويحتملُ إتلافُه في الآخرةِ بتعذيبِه، قالَ ابنُ بطالٍ (٧): فيهِ الحثُّ على تركِ استئكالِ أموال الناسِ، والترغيبُ في حُسْنِ التأديةِ إليهم عندَ المداينةِ، وأنَّ الجزاءَ [قدْ يكونُ] (٨) منْ جنس العمل. وأَخَذَ منهُ الداوديُّ (٧) أن مَنْ عليهِ دَيْنٌ فليسَ له أنْ يتصدَّقَ، ولا يعتقَ وفيهِ بعد. وفي الحديثِ الحثُّ على حسنِ النيةِ، والترهيبُ عنْ خلافهِ، وبيانُ أن مدارَ الأعمالِ عليها، وأن مَنِ استدانَ ناويًا الإيفاءَ أعانهُ اللَّهُ عليهِ. وقدْ كانَ عبدُ اللَّهِ بنُ جعفرٍ يرغَبُ في الدَّينِ [سئل] (٩) عنْ ذلكَ فقالَ: سمعتُ رسولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يقولُ: "إنَّ اللَّهَ معَ الدائنِ حتَّى يقضي دينَه"، رواهُ ابنُ


(١) زيادة من (ب).
(٢) في (ب): "قضاؤها".
(٣) في "سننه" (٢٤٠٨) من حديث أم المؤمنين ميمونة - رضي الله عنها -.
(٤) في "صحيحه" (١١/ ٤٢٠ رقم ٥٠٤١).
(٥) في "المستدرك" (٢/ ٢٣).
وأخرجه النَّسَائِي (٤٦٨٦، ٤٦٨٧)، وأحمد (٦/ ٣٣٢) وقد صحّحه الألباني في "صحيح ابن ماجه" (٢/ ٥١ رقم ١٩٥٢)، ويشهد له حديث الباب، وحديث عائشة الذي أخرجه الحاكم (٢/ ٢٢)، والبيهقي (٥/ ٣٥٤).
(٦) في (أ) "قضاءَه".
(٧) انظر: "فتح الباري" (٥/ ٥٤).
(٨) زيادة من (ب).
(٩) في (أ): "فيسأل".