للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

"أدِّ الأَمَانَةَ إلَى مَنِ ائْتَمَنَكَ، وَلَا تَخُنْ مَنْ خَانَكَ"، رَوَاهُ التِّرْمِذيُّ (١)، وأَبُو دَاوُدَ (٢)، وَحَسَّنَهُ وَصَحَّحَهُ الْحَاكِمُ (٣)، واسْتَنْكَرَهُ أَبُو حَاتِم الرَّازِي (٤)، وَأَخْرَجَهُ جَمَاعَةٌ (٥) مِنَ الحُفَّاظِ وَهُوَ شَامِلٌ لِلْعَارِيَّةِ. [صحيح]

(وعنْ أبي هريرةَ - رضي الله عنه - قالَ: قالَ رسولُ اللهِ - رضي الله عنه -: أدِّ الأمانةَ إلى مَنْ ائْتمنكَ، ولا تخنْ مَنْ خانكَ. رواهُ أبو داودَ، والترمذيُّ، وحسَّنَهُ وصحَّحَهُ الحاكمُ، واستَنْكَرَهُ أبو حاتمٍ الرازي، وأخرجَهُ جماعةٌ منَ الحفاظِ وهوَ شاملٌ للعاريةِ)، والوديعةِ، ونحوِهما، وأنهُ يجبُ أداءُ الأمانةِ كما أفادَهُ قولُه تعالى: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا} (٦). وقولُه: "ولا تخنْ مَنْ خانكَ" دليلٌ على أنهُ لا يُجَازَى بالإساءةِ مَنْ أساءَ. وحملَهُ الجمهورُ على أنهُ مُسْتَحَبٌّ لدلالةِ قولِه تعالى: {وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا} (٧)، {وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ} (٨) على الجوازِ وهذِه هيَ المعروفةُ بمسألةِ الظفرِ وفيها أقوالٌ للعلماءِ. هذا القولُ الأولُ وهوَ الأشهرُ منْ أقوالِ الشافعيِّ (٩)، وسواءٌ كانَ منْ جنسِ ما أُخِذَ عليه أو منْ غيره جِنْسِهِ.

والثاني: يجوزُ إذا كانَ منْ جنسِ ما أُخِذَ عليهِ لا منْ غيرِه، لظاهرِ قولِه تعالى: {بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ}. وقولِه: {مِثْلُهَا} وهو رأيُ الحنفيةِ (١٠)، والمؤيَّد (١١).


(١) في "سننه" (١٢٦٤) وقال: حديث حسن غريب.
(٢) في "سننه" (٣٥٣٥).
(٣) في "المستدرك" (٢/ ٤٦).
(٤) انظر العلل لابن أبي حاتم (١/ ٣٧٥ رقم ١١١٤).
وقال ابن الجوزي في "العلل" (٢/ ٥٩٣): وهذا الحديث من جميع طرقه لا يصح.
وقال الألباني في "الصحيحة" (١/ ٧٠٩) تعقيبًا على كلام ابن الجوزي: "وهذا من مبالغاته، فالحديث من الطريق الأولى - أي حديث الباب - حسن، وهذه الشواهد والطرق ترقيه إلى درجة الصحة لاختلاف مخارجها ولخلوِّها من متهم، واللهُ أعلم" اهـ.
(٥) انظر: "الروضة الندية" (٢/ ٣٠٩: ٣١١) بتحقيقنا.
(٦) سورة النساء: الآية ٥٨.
(٧) سورة الشورى: الآية ٤٠.
(٨) سورة النحل: الآية ١٢٦.
(٩) انظر: "معالم السنن" للخطابي (٥/ ١٨٦ بحاشية مختصر سنن أبي داود).
(١٠) انظر: "المبسوط" (١١/ ١٢٨).
(١١) انظر: "البحر الزخار" (٤/ ١٧٥).