للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

"إنْ نزلتُم بقومٍ فأمَرُوا لكمْ بما ينبغي للضيفِ فاقبلُوا، فإن لم يفعلُوا فخذُوا منْهم حقَّ الضيفِ". واستدلَّ بكونه إذا لم يفعلْ عاصيًا بقولِه تعالَى: {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ} (١).

قالَ: فمنْ ظفرَ بمثلِ ما ظُلِمَ فيهِ هوَ، أوْ مسلمٌ، أو ذِمِّيٌ فلم يزلْه عنْ يدِ الظالمِ، ويرَدُّ إلى المظلومِ حقَّه فهوَ أحدُ الظالِمينَ، ولم يعِنْ على البرِّ والتقْوى بلْ أعانَ على الإثم والعدوانِ، وكذلكَ أمرَ رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - (٢) منْ رأى مُنْكَرًا أنْ يغيِّرَهُ بيدِه إنِ استطاعَ فمنْ قَدَرَ على قطعِ الظلمِ وكفِّهِ وإعطاءِ كلِّ ذي حقٍّ حقَّه فلم يفعلْ فقدْ قَدَرَ على إنكارِ المنكرِ ولم يفعلْ، فقدْ عَصَى رسول اللهِ - صلى الله عليه وسلم -. ثمَّ ذكرَ حديثَ أبي هريرةَ فقالَ: هو من روايةِ طَلْقِ (٣) بن غنَّامٍ، عنْ شريكٍ (٤)، وقيسِ (٥) بن الربيعِ، وكلُّهم ضعيفٌ، قالَ: ولئنْ صَحَّ فلا حجةَ فيهِ، لأنهُ ليسَ انتصافُ المرءِ منْ حقِّهِ خيانةً بلْ هوَ حقٌّ واجبٌ، وإنكارُ مُنْكَرٍ. وإنَّما الخيانةُ أنْ تخون بالظلمِ الباطل مَنْ لا حقَّ لك عِنْدَهُ.

قلتُ: ويؤيدُ ما ذهبَ إليه حديث (٦): "انصر أخاكَ ظالمًا أو مظْلومًا"، فإنَّ الأمرَ ظاهرٌ في الإيجاب، ونصرُ الظالمِ بإخراجِه عن الظلمِ، وذلكَ بأخذِ ما في يدِه مما هو في يده لغيرِه ظلمًا.


(١) سورة المائدة: الآية ٢.
(٢) أخرجه مسلم (٤٩)، وأبو داود (١١٤٠)، والترمذي (٢١٧٢)، والنسائي (٨/ ١١١، ١١٢ رقم ٥٠٠٨، ٥٠٠٩)، وابن ماجه (٤٠١٣)، من حديث أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - مرفوعًا بلفظ: "من رأى منكرًا فليغيِّره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان".
(٣) قال الحافظ في "التقريب": (١/ ٣٨٠ رقم ٥٠): ثقة.
(٤) قال الحافظ (١/ ٣٥١): صدوق يخطئ كثيرًا، تغيَّر حفظه منذ ولي القضاء بالكوفة، وكان فاضلًا عابدًا شديدًا على أهل البدع.
(٥) قال الحافظ (٢/ ١٢٨): صدوق تغيَّر لما كبر، أدخل عليه ابنه ما ليس من حديثه فحدَّث به.
قلت: ومثل حديث هذان يقبل في المتابعات وقد توبعا، انظر: "السلسلة الصحيحة" (١/ ٧٠٨، ٧٠٩ رقم ٤٢٣)، وتقدَّم تخريج الحديث في أول الباب.
(٦) أخرجه البخاري (٢٤٤٣)، وطرفاه (٢٤٤٤، ٦٩٥٢)، والترمذي (٢٢٥٥)، وأحمد (٣/ ٩٩، ٢٠١) من حديث أنس - رضي الله عنه -، وفي الباب من حديث جابر وابن عمر - رضي الله عنهما -.