للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

ففلقتْ بهِ الصَّحْفَةَ - الحديثَ. وقدْ وقعَ مثلُها لحفصةَ (١)، وأنَّ عائشة كسرتِ الإناءَ". ووقعَ مثلُها لصفيةَ (٢) معَ عائشةَ.

والحديثُ دليلٌ على أن منِ استهلكَ على غيرِه شيئًا كانَ مضمونًا بمثلِه، وهوَ متفقٌ عليهِ في المِثْلِيِّ منَ الحبوبِ وغيرِها. وأما القيميِّ ففيهِ ثلاثةُ أقوالٍ. الأولُ للشافعيِّ (٣) والكوفيينَ: أنهُ يجبُ فيهِ المثلُ حيوانًا كانَ أو غيرَهُ، ولا تجزئُ القيمةُ إلَّا عندَ عدمِه. والثاني للهادويةِ (٤): أن القيميَّ يُضْمَنَ بقيمتِه. وقالَ مالكٌ (٥) والحنفيةُ (٦): أما ما يُكالُ أو يُوزَنُ فمثلُه وما عدَا ذلكَ منَ العُروضِ والحيواناتِ فالقيمةُ. واستدلَّ الشافعيُّ ومَنْ معَهُ بقولِ النبيّ - صلى الله عليه وسلم -: "إناءٌ بإناءٍ وطعامٌ بطعامٍ"، وبما وقعَ في روايةِ ابن أبي حاتمٍ (٧): "منْ كسرَ شيئًا فهوَ له عليهِ مثلُه". زادَ في روايةِ الدارقطنيِّ (٨): فصارتْ قضيةً، أي مِنَ النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، أي حُكمًا عامًا لكلِّ مَنْ وقعَ لهُ مثلُ ذلكَ، فاندفعَ قولُ مَنْ قالَ إنَّها قضيةُ عينٍ لا عمومَ فيها، ولو كانتْ كذلكَ لكانَ قولُه - صلى الله عليه وسلم -: "إناءٌ بإناءٍ وطعامٌ بطعامٍ" كافيًا في الدَّلِيلِ على أن ذكرَه للطَّعام أوضح في التشريعِ العامِّ، لأنهُ لا غرامة هنا للطعامِ بلِ الغرامةُ


(١) أخرجه الدارقطني (٤/ ١٥٣ رقم ١٤)، من حديث عمران بن خالد الخزاعي عن ثابت عن أنس - رضي الله عنه -. وفيه: "قال عمران أكبر ظني أنه قال حفصة"، قال أبو زرعة فيما رواه عنه ابن أبي حاتم في "العلل" (١/ ٤٦٦ رقم ١٤٠٠): هذا خطأ - (أي رواية عمران عن ثابت) - رواه حماد بن سلمة عن ثابت عن أبي المتوكل عن النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو الصحيح.
(٢) أخرجه أبو داود (٣٥٦٨)، والنسائي (٣٩٥٧)، وأحمد (٦/ ١٤٨، ٢٧٧)، وحسَّنه الحافظ في "الفتح" (٥/ ١٢٥).
(٣) انظر: "روضة الطالبين" (٤/ ٢٥٥).
(٤) قال في "البحر الزخار" (٥/ ٧٥): وفاسده (أي فاسد الضمان) أي يضمن بغير ما قد وجب كبقيمي قد تلف، ومعنى كبقيمي: الكاف للتشبيه، القيمي: أي ذو قيمة مادية أو ثمن معلوم. وانظر (٤/ ١٧٤).
(٥) انظر: "بداية المجتهد" (٤/ ١٣٨) بتحقيقنا.
(٦) ما نقله الشارح يوافق ما ذكر ابن حزم في "المحلَّى" (٨/ ١٤٠)، أما ابن رشد فقال في "البداية" (٤/ ١٣٨): "واختلفوا في العروض فقال مالك: لا يقضي في العروض من الحيوان وغيره إلا بالقيمة يوم استهلك، وقال الشافعي وأبو حنيفة وداود: الواجب في ذلك مثل ولا تلزم القيمة إلَّا عند عدم المثل" اهـ.
(٧) ذكره في "العلل" (١/ ٤٦٦ رقم ١٤٠٠).
(٨) في "سننه" (٤/ ١٥٣ رقم ١٤)، وتقدم آنفًا.