للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

فقدْ ثبتَ إرسالُه عن ابن عباسٍ، وهوَ شاهدٌ لرفْعِه على أن مرسلَ الصحابيِّ إذا صحَّتْ إليهِ الروايةُ حجةٌ، وعنِ المنصورِ (١) أنهُ لا شفعةَ في المكيلِ والموزونِ، لأنهُ لا ضررَ فيهِ، [والجواب] (٢) أن فيهِ ضَرَرًا هوَ إسقاط حقِّ الجوارِ، ولأنَّا لا نسلِّمُ أن العلةَ الضررُ، وذهبَ الأكثرُ إلى عدمِ ثبوتِها في المنقولِ مستدلينَ بقولِه: "فإذا وقعتِ الحدودُ، وصُرِفَتْ الطرقُ فلا شُفْعَةَ"، فإنه دال على أنَّها لا تكونُ إلا في العقارِ، وتلحقُ بهِ الدارُ، لقولِه في حديثِ مسلم (٣): "أوْ رَبْعٍ"، قالُوا: ولأنَّ الضرَّرَ في المنقولِ نادرٌ. وأجيبَ بأنَّ ذِكْرَ حُكْمِ بعضِ أفرادِ العامِّ لا يَقْصِرُه عليهِ، قالُوا: ولأنهُ أخرجَ البزارُ (٤) منْ حديثِ جابرٍ، والبيهقيِّ (٥) منْ حديثِ أبي هريرةَ بلفظِ الحصْرِ فيهمَا. الأولُ: "ولا شفعةَ إلا في رَبْعٍ أو حائطٍ"، ولفظُ الثاني: "لا شفعةَ إلا في دارٍ أو عَقَارٍ"، إلَّا أنهُ قالَ البيهقيُّ بعدَ سياقِهِ لَهُ: الإسنادُ ضعيفٌ.

وأجيبَ بأنَّها لو ثبتتْ لكانتْ مفاهيمَ، ولا يقاومُ منطوقَ "في كلِّ شيءٍ"، ومنْهم مَنِ اسْتَثْنَى مِن المنقولِ الثيابَ فقالُوا: تصحُّ فيها الشفعةُ، ومنْهم من استثْنَى الحيوانَ [فقالُوا] (٦): تصحُّ فيهِ الشفعةُ. وفي حديثِ مسلم دليل على أنهُ لا يحلُّ للشريكِ بيعُ حِصَّتِهِ حتَّى يعرضَ على شريكِهِ، وأنهُ محرَّمٌ عليهِ البيعُ قبلَ [عرْضِه] (٧)، ومَنْ حملَهُ على الكراهةِ فهوَ حملٌ على خلافِ أصلِ النَّهْي بلا دليلٍ. واختلفَ العلماءُ هلْ للشريكِ الشفعةُ بعدَ أنْ يؤاذنه شريكُهُ ثمَّ باعَهُ منْ غَيْرهِ؟ فقيلَ: لهُ ذلكَ، ولا يمنعُ صحَّتَها بعد مؤاذنته، وهذَا قولُ الأكثرِ. وقال الثوريُّ، والحَكَمُ، وأبو عبيدٍ، وطائفةٌ من أهلِ الحديثِ: تَسْقُطُ شفعتُه بعدَ عرضِه


= وقال الدارقطني: "خالفه - يعني: أبا حمزة - شعبة وإسرائيل وعمرو بن أبي قيس وأبو بكر بن عياش، فرووه عن عبد العزيز بن رفيع عن ابن أبي مليكة مرسلًا وهو الصواب، ووهم أبو حمزة في إسناده".
والخلاصة: فالحديث ضعيف.
(١) انظر: "البحر الزخار" (٤/ ٤).
(٢) في (ب): "وأجيب".
(٣) تقدَّم في تخريج أحاديث الباب.
(٤) عزاه إليه الحافظ ابن حجر في "التلخيص" (٣/ ٥٥ رقم ١٢٧٤) وقال: بسند جيد.
(٥) في "السنن الكبرى" (٦/ ١٠٩).
(٦) في (ب): "فقال".
(٧) زيادة من (ب).