للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

مسايلِ المياهِ، ورؤوسِ الجداولِ، أوْ هذهِ القطعةِ والباقي للعاملِ، فَنهُوا عنْ ذلكَ لما فيهِ مِنَ الغَرَرِ، فَرُبَّما هلكَ ذا دونَ ذاكَ.

٣/ ٨٥٧ - وَعَنْ ثَابِتِ بْنِ الضَّحَّاكِ - رضي الله عنه - أن رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - نَهَى عَنِ الْمُزَارَعَةِ وَأَمَرَ بِالْمُؤَاجَرَةِ. رَوَاهُ مُسْلِمٌ (١) أَيْضًا. [صحيح]

(وعنْ ثابتِ بن الضحاكِ - رضي الله عنه - أن رسولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - نَهَى عن المزارعةِ، وأمرَ بالمؤاجرةِ، رواهُ مسلمٌ). وأخرجَ مسلمٌ (٢) أيضًا أن عبدَ اللَّهِ بنَ عمرَ كانَ يُكْري أرضَه حتى بَلَغَهُ أن رافعَ بنَ خديجٍ الأنصاريِّ كانَ يَنْهَى عنْ كراءِ المزارعِ، فلقيهُ عبدُ اللَّهِ فقال: يا ابنَ خديجٍ، ماذا تُحَدِّثُ عَنْ رسولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - في كِراءِ الأرضِ؟ قال رافعٌ لعبدِ اللَّهِ: سمعتُ عَمَّيَّ وكانا شهدا بدرًا يحدثانِ أهلَ الدارِ أن رسولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - نَهَى عنْ كِراءِ الأرضِ. فقالَ عبدُ اللَّهِ: لقدْ كنتُ أعلمُ في عهدِ رسول اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أن الأرْضَ تُكْرَى، ثم خَشِيَ عبدُ اللَّهِ أنْ يكونَ رسول اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أحدثَ في ذلكَ شيئًا لم يكنْ، فتركَ كراءَ الأرضِ. وفي النَّهْي عن المزارعةِ أحاديثُ (٣) ثابتةٌ، وقدْ جُمِعَ بينَها وبينَ الأحاديثِ الدالةِ على جوازِها بوجوهٍ، أحسنُها أن النَّهْيَ كانَ في أولِ الأمرِ لحاجةِ الناسِ، وكونِ المهاجرينَ ليست لهمْ أرضٌ فأمرَ الأنصارَ بالتكرُّمِ بالمواساةِ، ويدلُّ لهُ ما أخرجَهُ مسلمٌ (٤) منْ حديثِ جابرٍ قال: كانَ لرجالٍ منَ الأنصارِ فضولُ أرضٍ، وكانُوا يُكْرُونَها بالثلثِ والرُّبع، فقالَ النبي - صلى الله عليه وسلم -: "مَنْ كانتْ لهُ أرضٌ فليزْرعْها، أو لِيَمْنَحْها أخاهُ، فإنْ أبَى فلْيَمْسكْها". وهذا كما نُهُوا (٥) عن ادِّخارِ لحومِ الأضحيةِ ليتصدقُوا بذلكَ، ثمَّ بعدَ توسُّعِ حالِ المسلمينَ زالَ الاحتياجُ فأبيحَ لهمُ المزارعةُ، وتصرُّفُ المالكِ في ملكِه بما شاءَ منْ إجارةٍ وغيرِها. ويدلُّ على ذلكَ ما وقعَ منَ المزارعةِ في


(١) في "صحيحه" (٣/ ١١٨٣ رقم ١١٨، ١١٩/ ١٥٤٩).
وبالنهي عن المزارعة فقط أخرجه أحمد (٤/ ٣٣).
(٢) في صحيحه (٣/ ١١٨٢ رقم ١١٢/ ١٥٤٧).
(٣) تقدم منها برقم (٢٥/ ٧٦٠) من كتابنا هذا.
(٤) في صحيحه (٣/ ١١٧٧ رقم ٩٦/ ١٥٣٦).
(٥) يأتي تخريجه في الأضاحي أثناء شرح الحديث رقم (٩/ ١٢٧٤).