للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

الأولُ (١)، (ليستْ لأحدٍ فهوَ أحقُّ بها. قالَ عروةُ: وقَضَى بهِ عمرُ في خلافتِهِ. رواهُ البخاريُّ)، وهوَ دليلٌ على أن الإحياءَ تَمَلُّكٌ [إذا] (٢) لم يكنْ قدْ ملكَها مسلمٌ، أو ذميٌّ، أو ثبتَ فيها حقٌّ للغيرِ. وظاهرُ الحديثِ أنه لا يُشْتَرَطَ في ذلكَ إذنُ الإمامِ وهوَ قولُ الجمهورِ (٣)، وعنْ أبي حنيفةَ (٤) أنهُ لا بدَّ منْ إذْنِهِ، ودليلُ الجمهورِ هذا الحديثُ والقياسُ على ماءِ البحرِ والنهرِ، وما صِيدَ منْ طيرٍ وحيوانٍ، فإنهم اتفقُوا على أنهُ لا يُشْتَرطُ فيهِ إذْنُ الإمامِ، وأما ما تقدَّمَ عَلَيْهِ يدٌ لغيرِ مُعَيَّنٍ ثم مات فإنه لا يجوز إحياؤها إلا بإذن الإمام، وكذلك ما تعلَّق به حق لغيرِ معين كبطونِ الأوديةِ، فإنه لا يجوز إلا بإذنِ الإمام مما ليسَ فيهِ ضررٌ لمصلحةٍ عامةٍ، ذَكرَهُ بعضُ الهادويةِ (٥). قالَ المؤيدُ (٥) وأبَو حنيفةَ (٦): لا يجوزُ إحياؤُها بحالٍ من الأحوالِ لِجَرْيَهَا مَجْرَى الأملاكِ، لتعلقِ سيولِ المسلمينَ بها؛ إذْ هيَ مَجْرَى السيولِ. وقالَ الإمامُ المهدي (٥) - وهوَ قويٌّ -: فإنْ تحوَّلَ عنْها جَري الماءُ جازَ إحياؤُها بإذنِ الإمامِ، لانقطاعِ الحقِّ، وعدمِ تَعَيُّنِ أهلهِ، وليسَ للإمامِ الإذنُ معَ ذلكَ إلا لمصلحةٍ عامةٍ لا ضررَ فيها. ولا يجوزُ الإذنُ لكافرٍ بالإحياءِ لقولِه (٧) - صلى الله عليه وسلم -: "عاديّ (٨) الأرضِ للَّهِ ولرسولِه، ثمَّ هيَ لكمْ"، والخطابُ للمسلمينَ. قولُه: "وقَضَى بهِ عمرُ"، قيلَ: هوَ مرسلٌ لأنَّ عروةَ (٩) وُلدَ في آخِرِ خلافةِ عمرَ.

٢/ ٨٦٥ - وَعَنْ سَعِيد بْنِ زيدٍ - رضي الله عنه - عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: قَالَ: "مَنْ أَحْيَا أَرْضًا مَيتَةً فَهِيَ لَهُ"، رَوَاهُ الثَّلاثَةُ (١٠)، وَحَسَّنَهُ التّرْمَذِيُّ، وَقَالَ: رُوِيَ مُرْسَلًا، وَهُوَ كَمَا


(١) هذا ما ذهب إليه القاضي عياض رحمه اللهُ وخالفه غيره. انظر: "فتح الباري" (٥/ ٢٠).
(٢) في (ب): "إنْ".
(٣) انظر: "فتح الباري" (٥/ ١٨).
(٤) انظر: "المبسوط" (٢٣/ ١٨١).
(٥) انظر: "البحر الزخار" (٤/ ٧٢).
(٦) انظر: "المبسوط" (٢٣/ ١٨٣).
(٧) أخرجه البيهقي (٦/ ١٤٣)، مرسلًا وموصولًا من حديث ابن عباس رضي الله عنهما، وأخرجه الشافعي (٢/ ١١٢)، رقم (١٣٤٩) - بدائع المنن" مرسلًا، والحديث ضعيف، ضعَّفه المحدث الألباني في "الضعيفة" (٥٥٣)، وفي الإرواء" (٦/ ٣ رقم ١٥٤٩).
(٨) قال الحافظ في "التلخيص الحبير" (٣/ ٦٢): وقوله عاديّ الأرض - بتشديد الياء المثناة - يعني القديم الذي من عهد عاد وهلمَّ جرًّا. اهـ.
(٩) انظر: "فتح الباري" (٥/ ٢٠)، ونسب الحافظ هذا القول لخليفة.
(١٠) تقدم تخريجه برقم (٤/ ٨٤٦) من كتابنا هذا، وأنَّه صحيح.