للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

أشعثَ عن الحسنِ، وفي البابِ عنْ أبي هريرةَ عندَ أحمدَ (١): "حريمُ البئرِ البديء خمسةٌ وعشرونَ ذِراعًا، وحريمُ البئرِ العادي خمسونَ ذراعًا"، وأخرجهُ الدارقطنيُّ (٢) منْ طريقِ سعيدِ بن المسيبِ عنهُ، وأعلَّها بالإرسالِ، وقالَ: منْ أسندَه فقدْ وهِمَ، وفي سندِهِ محمدُ (٣) بنُ يوسفُ المقْرِي شيخُ شيخِ الدارقطنيِّ، وهوَ متَّهمٌ بالوضْعِ. ورواهُ البيهقيُّ منْ طريقِ يونسَ عن الزُّهْرِيِّ، عن ابن المسيبِ مرسلًا، وزادَ فيهِ: "وحريمُ بئرِ الزرعِ ثلثمائة ذراعٍ منْ نواحيها كلِّها"، وأخرجهُ الحاكمُ منْ حديثِ أبي هريرةَ موصولًا، ومرسلًا، والموصولُ فيه عمرُ (٤) بنُ قيسٍ ضعيفٌ. والحديثُ دليلُ على ثبوتِ الحريمِ للبئرِ. والمرادُ بالحريمِ ما يمنعُ منهُ المحيي والمحتفرُ لإضرارهِ. وفي "النهاية" سُمِّيَ بالحريمِ لأنهُ يحرِّمُ منعَ صاحبه منهُ، ولأنهُ يحرِّم على غيرهِ التصرفَ فيهِ. والحديثُ نصٌّ في حريمِ البئرِ. وظاهرُ حديثِ عبدِ اللَّهِ أن العلةَ في ذلكَ هو ما يحتاجُ إليهِ صاحبُ البئرِ عندَ سقْي إِبِلِهِ لاجتماعِها على الماءِ. وحديثُ أبي هريرةَ رضي الله عنه على أن العلةَ في ذلكَ هوَ ما يحتاجُ إليهِ البئرُ لئلَّا تحصلَ المضرَّةُ عليها بقربِ الإحياءِ منْها، ولذلكَ اختلفَ الحالُ في البديء (٥) والعاديِّ، والجمعُ بينَ الحديثينِ أنهُ ينظرُ ما يحتاجُ إليهِ إما لأجْلِ السَّقْي للماشيةِ، أو لأجْلِ البئرِ. وقد اختلفَ العلماءُ في ذلك، فذهبَ الهادي (٦)، والشافعيُّ (٧)،


(١) لم أجده بهذا اللفظ في "المسند"، وتقدم لفظه قريبًا.
(٢) في "سننه" (٤/ ٢٢٠ رقم ٦٣).
وأخرجه أبو داود في "المراسيل" (ص ٢٩٠ رقم ٤٠٢)، وابن أبي شيبة (٦/ ٣٧٣ رقم ١٣٩٦)، والحاكم (٤/ ٩٧)، والبيهقي (٦/ ١٥٥) من مرسل سعيد بن المسيب ورجاله ثقات رجال الشيخين كما قال الشيخ شعيب في تحقيق "المراسيل".
(٣) قال الحافظ في "التلخيص" (٣/ ٦٣): وهو متهم بالوضع وأطلق عليه ذلك الدارقطني وغيره اهـ. وفي "سنن الدارقطني": محمد بن يوسف بن موسى المقري، ولم أجد له ترجمة في "الميزان" إلا أن يكون هو محمد بن يوسف بن يعقوب، وقد اتهمه الخطيب والدارقطني بالوضع. انظره في: "الميزان" (٤/ ٧٢).
(٤) انظر: "التلخيص الحبير" (٣/ ٦٣).
(٥) قال في "التلخيص" (٣/ ٦٣): البديء بفتح الموحدة وكسر الدال بعدها مد وهمزة هي التي ابتدأتها أنت، والعادية: القديمة. اهـ.
(٦) انظر: "البحر الزخار" (٤/ ١٠١).
(٧) انظر: "معرفة السنن والآثار" (٩/ ٣١).