للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

"أَلَا لَا يَحِلُّ ذُو نَابٍ مِنَ السِّبَاعِ، وَلَا الْحِمَارُ الأَهْلِيُّ، وَلَا اللقَطَةُ مِنْ مَالِ مُعَاهَدٍ، إِلَّا أَنْ يَسْتَغْنِيَ عَنْهَا"، رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ (١). [صحيح]

(وعنِ المقدامِ بن معدِ يكربَ - رضي الله عنه - قالَ: قالَ رسولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: أَلَا لا يحلُّ ذو نابٍ منَ السِّبَاعِ، ولا الحمارُ الأهليُّ، ولا اللقطةُ منْ مالِ معاهِدٍ إلَّا أنْ يستغنيَ عنْها. رواهُ أبو داودَ). ويأتي (٢) الكلامُ على تحريمِ ما ذُكِرَ في باب الأطعمةِ وذَكَرَ الحديثَ هُنَا لقولِهِ: "ولا اللقطةُ منْ مالِ معاهدٍ"؛ فدلَّ على أن اللقطةَ منْ مالهِ كاللقطةِ منْ مالِ المسلمِ، وهذَا محمولٌ على التقاطِها منْ محلِّ غالب أهلُه، أو كلُّهم ذميُّونَ، وإلَّا فاللقطةُ لا تُعْرَفُ منْ مالِ أيِّ إنسان عندَ التقاطِها. وقولُه: "إلَّا أن يستغنيَ عنَها" مُؤَوَّلٌ بالحقيرِ كما سلفَ في التمرةِ ونحوِها، أو بعدمِ معرفةِ صاحِبها بعدَ التعريفِ بها كما سلفَ أيضًا، وعبَّرَ عنهُ بالاستغناءِ لأنهُ سببُ عدمِ المعرفةِ في الأغلبِ، فإنهُ لو لم يستغنِ عنْها لبالغَ في طَلَبِها أو نحوِ ذلكَ.

فائدةٌ: قالَ النوويُّ في "شرح المهذَّب" (٣): اختلفَ العلماءُ فيمنْ مرَّ ببستانٍ أو زَرْعٍ أو ماشيةٍ، فقالَ الجمهورُ: لا يجوز أَن يَأْخُذَ منهُ شيئًا إلا في حالِ الضرورةِ، فيأخذُ ويغرَّمُ عندَ الشافعيِّ والجمهورِ، وقالَ بعضُ السلفِ: لا يلزمُه شيءٌ.

وقالَ أحمدُ: إذا لمْ يكنْ للبستانِ حائطٌ جازَ لهُ الأكلُ منَ الفاكهةِ الرطبةِ في أصحِّ الروايتينِ، ولوْ لمْ يحتجْ إلى ذلكَ. وفي الأُخْرَى إذا احتاجَ ولا ضمانَ عليهِ في الحالينِ، وعلَّقَ الشافعيُّ (٤) القولَ بذلك على صحةِ الحديثِ، قالَ البيهقيّ (٥) يعني حديثَ ابن عمرَ مَرْفُوعًا: "إذا مرَّ أحدُكم بحائطٍ فليأكلْ ولا يتخذْ خبنةً" أخرجَهُ الترمذيُّ (٦)، واستغرَبَهُ.


(١) في "سننه" (٣٨٠٤) وطرفه في (٤٦٠٤).
وأخرجه أحمد (٤/ ١٣٠، ١٣١)، وهو حديث صحيح، صحَّحه الألباني في "صحيح أبي داود" (٢/ ٧٢٣ رقم ٣٢٢٩).
(٢) انظر الأحاديث (١/ ١٢٤٠): (٣/ ١٢٤٢) من كتابنا هذا.
(٣) "المجموع" (٩/ ٥٤ - ٥٥).
(٤) انظر: "السنن الكبرى" (٩/ ٣٥٨).
(٥) في "السنن الكبرى" له (٩/ ٣٥٩).
(٦) في "سننه" (١٢٨٧).
وأخرجه ابن ماجه (٢٣٠١)، وصحَّحه الألباني في "صحيح الترمذي" (٢/ ٢٥ رقم ١٠٣٤).