للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

حديثٌ ضعيفٌ. والحديثُ ورد فيمن له وارثٌ، فأمّا منْ لا وارت له فذهبَ مالكٌ (١) إلى أنه مِثلُ مَنْ لهُ وارثٌ لا تستحب لهُ الزيادةٌ على الثُّلُث، وأجازتِ الهادويةُ (٢): والحنفيةُ (٣) لهُ الوصية بالمالٍ كلِّه وهو قولٌ ابن مسعود (٤). فلو أجاز الوارثُ الوصية صحّت بأكثرٌ من الثلثِ نُفِّذَتْ لإسقاطهم حقَّهِم وإلى هذا ذهب الجمهورٌ. وخالفت الظاهرية (٥): والمزنيُّ وسيأتي (٦) في حديث ابن عباسٍ - رضي الله عنه -: "إلّا أن يشاء الورثة" وأنه حَسَنٌ يُعْمَلُ به. نعم فلو رجع الورثةٌ عن الإجازة فذهبَ جماعةٌ إلى أنه لا رجوعَ لهم في حياةٍ الموصي، ولا بعد وفاته. وقيل إِنْ رجِعُوا بعد وفاتِهِ فلا يصحُّ. لأنّ الحقَّ قد انقطع بالموت بخلاف حال الحياةِ، فإنهُ يتجددُ لهم الحق. وسبب الخلاف الاختلاف في المفهوم من قوله - صلى الله عليه وسلم -: "إنَّك إن تَذر" إلى آخره هل يُفهم منه علّةُ المنع من الوصية بأكثر منَ الثُّلُث، وأنَّ السبب في ذلك رعايةُ حقِّ الوارث، وأنه إذا انتَفى ذلك الحكمُ بالمنع، أو أن العلَّة لا تعدي الحكم، أو يُجْعَلُ المسلمون بمنزلة [الوارث] (٧) كما كما هو قول المؤيد (٨)، وأحد قولي الشافعي (٩). والأظهرٌ أنَّ العلةَ متعديةٌ وأنهُ ينتفي الحكمُ في حقِّ مَنْ ليس لهُ وارثٌ مُعَيّنٌ.

٣/ ٩٠٨ - وَعَن عائِشةَ أن رجُلًا أتى النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَال: يا رسُول الله، إنَّ أُمِّي افْتُلِتَتْ نفسُها وَلَم تُوصِ، وأَظُنُّها لو تَكلَّمَت تَصَدَّقت، أفلَها أجْرٌ إنْ تَصَدَّقت عنْها؟ قال: "نعم"، مُتَّفَقٌ عليه (١٠). واللفظ لِمُسلمٍ. [صحيح]


(١) انظر: "بداية المجتهد" (٤/ ١٨٧). بتحقيقنا.
(٢) انظر: "البحر الزخار" (٥/ ٣٠٤).
(٣) انظر: "المبسوط" (٢٩/ ١٨).
(٤) انظر: "المحلى" (٩/ ٣١٨).
(٥) انظر: "المحلى" (٩/ ٣١٧).
(٦) في آخر الحديث رقم (٤/ ٩٠٩) من كتابنا هذا.
(٧) في (ب): "الورثة".
(٨) انظر: "البحر الزخار" (٥/ ٣٠٦).
(٩) انظر: "الأم" (٤/ ١١٠، ١١١) والحاشية مما نقل البلقيني عن اختلاف العراقيين.
(١٠) البخاري: (٢٧٦٠) ومسلم (١٠٠٤).
وأخرجه النسائي (٣٦٤٩)، ومالك (٢/ ٧٦٠ رقم ٥٣)، والبيهقي (٦/ ٢٧٧)، وابن حبان (٨/ ١٤٠ رقم ٣٣٥٣ - الإحسان).